Wikipedia

نتائج البحث

السبت، 16 أكتوبر 2010

صدقة التطوع


هل في المال حق سوى الزكاة ؟
المال عصب الحياة ، وقوام نظام الافراد والجماعات .
و يجب أن يوزع توزيعا يكفل لكل فرد كفايته من الغذاء ، والكساء ، والمسكن ، وسائر الحاجات الأصلية ، التي لا غنى عنها ، حتى لا يبقى فرد مضيع ، لاقوام له .
وأمثل وسيلة ، وأفضلها لتوزيع المال ، وللحصول على الكفاية ، وسيلة الزكاة ، فهي في الوقت الذي لا يضيق بها الغني ، ترفع مستوى الفقير إلى حد الكفاية ، وتجنبه شظف العيش ، وألم الحرمان .
والزكاة ليست منة يهبها الغني للفقير ، وإنما هي حق استودعه الله يد الغني ، ليؤديه لأهله ، وليوزعه على مستحقيه
أن المال ليس وقفا على الأغنياء دون غيرهم ، وإنما المال للجميع : أي للأغنياء ، والفقراء ، على السواء يوضح هذا قول الله تعالى - في حكمه تقسيم الفئ (
كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم )الحشر 7 أي هذا التقسيم ، لئلا يكون المال متداولا بين الأغنياء ، بل يجب توزيعه على الأغنياء والفقراء .
والزكاة ، هي الحق الواجب في المال ، متى قامت بحاجة الفقراء وسدت خلة المعوزين (حاجة المحتاجين )، وكفت البائسين ، وأطعمتهم من جوع وأمنتهم من خوف .
فإذا لم تكف الزكاة ، ولم تف بحاجة المحتاجين ، وجب في المال حق آخر سوى الزكاة وهذا الحق لا يتقيد ولا يتحدد إلا بالكفاية ، فيؤخذ من مال الأغنياء القدر الذي يقوم بكفاية الفقراء .
أخرج الدار قطنى عن فاطمة بنت قيس قالت :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن في المال حقا سوى الزكاة " ثم تلا هذه الآية " ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب " إلى آخرها . البقرة 177
واتفق العلماء على أنه إذا نزلت بالمسلمين حاجة ، بعد أداء الزكاة ، فإنه يجب صرف المال إليها .
صدقة التطوع
دعا الاسلام إلى البذل ، وحض عليه في أسلوب يستهوي الافئدة ، ويبعث في النفس الاريحية ، ويثير فيها معاني الخير والبر ، والاحسان .
من الكتاب :
1 - قال الله تعالى : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم )البقرة 261 .
2 - وقال الله تعالى : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شئ فإن الله به عليم ) آل عمران 92.
3 - وقال الله تعالى : ( وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير )الحديد 7 .

و من السنة :
1 - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الصدقة تطفئ غضب الرب ، وتدفع ميتة السوء " رواه الترمذي ، وحسنه .
2 - وروى كذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن صدقة المسلم تزيد في العمر وتمنع ميتة السوء ويذهب الله بها الكبر والفخر " . " رواه الترمذي.

ميتة السوء: أي سوء العاقبة
3 - وقال صلى الله عليه وسلم : " ما من يوم يصبح العباد فيه ، إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكا تلفا " رواه مسلم .
4 - وقال صلى الله عليه وسلم " صنائع المعروف تقي مصارع السوء ، والصدقة حفيا تطفئ غضب الرب ، وصلة الرحم تزيد في العمر ، وكل معروف صدقة ، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة ، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة ، وأول من يدخل الجنة أهل المعروف " رواه الطبراني في الأوسط ، وسكت عليه المنذري .
أنواع الصدقات :
الصدقة ليست قاصرة على نوع معين من أعمال البر بل كل معروف صدقة .
بعض ما جاء في ذلك ،
1 - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " على كل مسلم صدقة " فقالوا : يا نبي الله فمن لم يجد ؟ قال : " يعمل بيده فينفع نفسه ، ويتصدق " . قالوا : فإن لم يجد ؟ قال : " يعين ذا الحاجة الملهوف " . قالوا : فإن لم جيد ؟ قال : فليعمل بالمعروف وليمسك عن الشر ، فإنها ( هذه الخصلة ) له صدقة " رواه البخاري ، وغيره .
الملهوف :المستغيث سواء أكان مظلوما أو عاجزا


2 - وقال صلى الله عليه وسلم : " كل نفس كتب عليها الصدقة كل يوم طلعت فيه الشمس ، فمن ذلك أن يعدل ( يصلح بين متخاصمين بالعدل ) بين الاثنين صدقة ، وأن يعين الرجل على دابته فيحمله عليها صدقة ، ويرفع متاعه عليها صدقة ، ويميط الأذي عن الطريق صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة ، وكل خطوة يمشي إلى الصلاة صدقة " رواه أحمد وغيره .
3 - وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " على كل نفس في كل يوم طلعت فيه الشمس صدقة منه على نفسه " . قلت : يا رسول الله من أين أتصدق ، وليس لنا أموال ؟ قال : " إن من أبواب الصدقة : التكبير ، وسبحان الله والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، وأستغفر الله ، وتأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر ، وتعزل الشوك عن طريق الناس ، والعظم ، والحجر ، وتهدي الأعمى وتسمع الأصم والبكم ، حتى يفقه ، المستدل على حاجة له قد علمت مكانها ، وتسعى بشدة ساقيك إلى اللهفان المستغيث ، وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف ، كل ذلك من أبواب الصدقة ، منك على نفسك ، و لك في جماع زوجتك أجر " الحديث ، رواه أحمد واللفظ له ، ومعناه أيضا في مسلم .وعند مسلم قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ، ويكون له فيها أجر ؟ قال : " أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر " .
الملهوف : أي المستغيث سواء أكان مظلوما أم عاجزا .


3 - وعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليس من نفس ابن آدم عليها صدقة . في كل يوم طلعت فيه الشمس " . قيل : يا رسول الله . من أين لنا صدقة نتصدق بها كل يوم ؟ فقال : " إن أبواب الخير لكثيرة . التسبيح والتحميد ، والتكبير ، والتهليل ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وتميط الأذى عن الطريق ، وتسمع الأصم ، وتهدي الأعمى ، وتدل المستدل على حاجاته ، وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث ، وتحمل بشدة ذراعيك مع الضعيف . فهذا كله صدقة منك على نفسك " رواه ابن حبان في صحيحه ، والبيهقي مختصر و زاد في رواية : " وتبسمك في وجه أخيك صدقة وإماطتك الحجر ، والشوكة والعظم عن طريق الناس صدقة ، و هديك الرجل في أرض الضالة صدقة " .
5 - وقال : " من استطاع منكم أن يتقي النار فليتصدق ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة " رواه أحمد ، ومسلم .
" شق تمرة " أي نصف تمرة ، وهذا يفيد أنه لا ينبغي أن يستقل الإنسان الصدقة .
6 - وقال : " إن الله عز وجل ، يقول يوم القيامة : يا ابن آدم : مرضت فلم تعدني ، قال : يا رب ، كيف أعودك وأنت رب العالمين ؟ قال أما علمت ، أن عبدى فلانا مرض فلم تعده ؟ . " أما لوعدته لوجدتني عنده . يا ابن آدم : إستطعمتك فلم تطعمني ، قال : يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين ، قال : أما علمت أنه إستطعمك عبدي فلان فلم تطعمه ، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي . يا ابن آدم : استسقيتك فلم تسقني . قال : يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين ؟ قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه . أما إنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي . " رواه مسلم .
7 - وقال صلى الله عليه وسلم : " لا يغرس مسلم غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شئ إلا كانت له صدقة " رواه البخاري .
8 - وقال عليه الصلاة والسلام : " كل معروف صدقة ، ومن المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق ، وان تفرغ من دلوك في إنائه " رواه أحمد والترمذي وصححه .
أولى الناس بالصدقة :
أولى الناس بالصدقة أولاد المتصدق وأهله وأقاربه .
ولا يجوز التصدق على أجنبي وهو محتاج إلى ما يتصدق به لنفقته ونفقة عياله .
1 - فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه ، وإن كان فضل فعلى عياله ، وإن كان فضل فعلى ذوي قرابته ، أو قال : ذوي رحمه ، وان كان فضل فهاهنا وهاهنا " رواه أحمد ومسلم .
2 - وقال صلى الله عليه وسلم : " تصدقوا " : قال رجل . عندي دينار . قال " تصدق به على نفسك " . قال : عندي دينار آخر . قال : تصدق به على زوجتك " . قال : عندي دينار آخر . قال : " تصدق به على ولدك " . قال : عندي دينار آخر . قال : " تصدق به على خادمتك " . قال : عندي دينار آخر . قال : " أنت به أبصر " . رواه أبو داود والنسائي والحاكم ، وصححه .
3 - وقال عليه الصلاة والسلام : " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت " . رواه مسلم وابو داود .
4 - وقال صلى الله عليه وسلم : " أفضل الصدقة الصدقة على ذي الرحم الكاشح . " رواه الطبراني ، والحاكم وصححه .
الكاشح : أي الذي يضمر العداوة .
إبطال الصدقة :
قال الله تعالى : ( يأيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس )البقرة 264 .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم . " قال أبو ذر رضي الله عنه : خابوا وخسروا ، من هم يا رسول الله ؟ قال : " المسبل والمنان ، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب " .رواه مسلم و ابو داود و الترمذى و ابن ماجه
المسبل : أي الذي يجر ثوبه خيلاء .
المنان : المن ذكر الصدقة والتحدث بها ، أو استخدام المتصدق عليه ، أو التكبر عليه لاجل إعطائه . والاذى إظهار الصدقة ، قصد إيلام المتصدق عليه ، أو توبيخه .
التصدق بالحرام :
لا يقبل الله الصدقة ، إذا كانت من حرام .
1 - قال رسول الله صلى عليه وسلم : " أيها الناس ، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال عز وجل ، ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم )المؤمنون51 وقال ( يأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم )البقرة 172 ثم ذكر الرجل يطيل السفر ، أشعث أغبر ، يمد يديه إلى السماء : يا رب ، يا رب ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام فأنى يستجاب له " رواه مسلم .
2 - وقال صلى الله عليه وسلم : " من تصدق بعدل تمرة ، من كسب طيب - ولا يقبل الله إلا الطيب - فإن الله تعالى يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل " رواه البخاري .
العِدل : بكسر العين ، معناه في اللغة : المثل . والمراد به هنا ما يساوي قيمة تمرة .
صدقة المرأة من مال زوجها :
يجوز للمرأة أن تتصدق من بيت زوجها ، إذا علمت رضاه ، ويحرم عليها إذا لم تعلم .
عن عائشة رضى الله عنها قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها - غير مفسدة - كان لها أجرها بما أنفقت ، ولزوجها أجره بما كسب ، وللخازن مثل ذلك ، لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئا . " رواه البخاري .
وعن أبي أمامة قال : سمعت رسول اله صلى الله عليه وسلم يقول - في خطبة عام حجة الوداع - " لا تنفق المرأة شيئا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها " قيل : يا رسول الله ، ولا الطعام ؟ قال : " ذلك أفضل أموالنا " رواه الترمذي ، وحسنه .
ويستثنى من ذلك النزر اليسير ، الذي جرى به العرف فإنه يجوز لها أن تتصدق به ، دون أن تستأذنه .
عن أسماء بنت أبي بكر أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : إن الزبير رجل شديد ، ويأتيني المسكين فأتصدق عليه من بيته ، بغير إذنه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ارضخي ولا توعي فيوعي الله عليك " . رواه أحمد ، والبخاري ، ومسلم .
ارضخي : أي أعطي القليل ، الذي جرت به العادة .
لا توعي : أي لا تدخري المال في الوعاء فيمنعه الله عنك
جواز التصدق بكل المال :
يجوز للقوي المكتسب أن يتصدق بجميع ماله
قال أبو جعفر الطبري : ومع جوازه فالمستحب أن لا يفعل وأن يقتصر على الثلث . .
قال عمر : " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ، فوافق ذلك مالاً عندي ، فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن ( حرف نفى أى ما سبقته أبدا ) سبقته يوما ، فجئت بنصف مالي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أبقيت لأهلك ؟ " فقلت : مثله . وأتى أبو بكر بكل ماله ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أبقيت لأهلك ؟ " فقال : أبقيت لهم الله ورسوله . فقلت : لا أسابقك إلى شئ أبدا " رواه أبو داود ، والترمذي ، وصححه .

وقد اشترط العلماء لجواز التصدق بجميع المال أن يكون المتصدق قويا مكتسبا صابرا غير مدين ، ليس عنده من يجب الإنفاق عليه ، فإذا لم تتوفر هذه الشروط ، فإنه حينئذ يكره .

عن جابر رضي الله عنه قال :
بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم . إذ جاء رجل بمثل بيضة من ذهب ، فقال يا رسول الله : أصبت هذه من معدن فخذها ، فهي صدقة ، ما أملك غيرها ، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أتاه من قبل ركنه الأيمن فقال مثل ذلك ، فأعرض عنه ، ثم أتاه من قبل ركنه الأيسر (أي جانبه ) فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أتاه من خلفه ، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فحذفه (رماه ) بها ، فلو أصابته لأوجعته ، أو عقرته (جرحته ) الناس ، إنما الصدقة عن ظهر غنى " رواه أبو داود ، والحاكم ، وقال : صحيح على شرط مسلم . وفيه محمد بن إسحق .
جواز الصدقة على الذمي والحربي :
تجوز الصدقة على الذمي والحربي ويثاب المسلم على ذلك ، وقد أثنى الله على قوم فقال : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا )الإنسان 8 والأسير حربي .
وقال تعالى : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ) الممتحنة 8 .
وعن أسماء بنت أبي بكر قالت : قدمت علي أمي وهي مشركة ، فقلت : يا رسول الله ، إن أمي قدمت علي وهي راغبة أفأصلها ؟ قال : " نعم ، صلي أمك " .
الصدقة على الحيوان :
1 - روى البخاري ومسلم : أن رسول الله عليه وسلم قال : " بينما رجل يمشى بطريق اشتد عليه العطش ، فوجد بئرا فنزل فيها ، فشرب ، ثم خرج ، فإذا كلب يلهث الثرى من العطش ، فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان قد بلغ مني ، فنزل البئر ، فملا خفه ماء . ثم أمسكه بفيه حتى رقي ( صعد ) فسقى الكلب ، فشكر الله له ، فغفر له . " قالوا : يا رسول الله ، إن لنا في البهائم أجرا ؟ فقال : " في كل كبد رطبة أجر " .
2 – وروى البخارى و مسلم : أنه صلى الله عليه وسلم قال : " بينما كلب يطيف بركيّة قد كاد يقتله العطش ، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها ( خُفها ) ، فاستقت له به ، فسقته فغفر لها به " .
الصدقة الجارية :
روى أحمد ومسلم أن رسول الله صلى عليه وسلم قال : " إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة ، صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له " .
شكر المعروف :
1 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من استعاذ بالله فأعيذوه ، ومن سألكم بالله فأعطوه ومن استجار بالله فأجيروه ، ومن أتى إليكم معروفا فكافئوه ، فإن لم تجدوا ، فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه " . رواه أبو داود والنسائي بسند صحيح
2- وروى أحمد عن الأشعث بن قيس - بسند رواته ثقات - :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يشكر الله من لا يشكر الناس " .
3 - عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من صنع معه معروف ، فقال لفاعله : جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء " . رواه الترمذي - وحسنه


زكاة الفطر

أي الزكاة التي تجب بالفطر من رمضان .
وهي واجبة على كل فرد من المسلمين ، صغير أو كبير ، ذكر أو أنثى ، حر أو عبد .
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير ، على العبد ، والحر ، والذكر ، و الأنثى ، والصغير ، والكبير . من المسلمين .رواه البخاري ومسلم
حكمتها : شرعت زكاة الفطر في شعبان ، من السنة الثانية من الهجرة لتكون طهرة للصائم ، مما عسى أن يكون وقع فيه ، من اللغو ، والرفث ، ولتكون عونا للفقراء ، والمعوزين .
عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة (تطهيرا ) للصائم ، من اللغو والرفث ( فاحش الكلام ) وطعمة ( طعام ) للمساكين ، من أداها قبل الصلاة ، فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة ، فهي صدقة من الصدقات " . رواه أبو داود ، وابن ماجه ، والدار قطني
اللغو : هوما لا فائدة فيه من القول أو الفعل .

على من تجب ؟ :
تجب على الحر المسلم ، المالك لمقدار صاع ، يزيد عن قوته وقوت عياله ، يوما وليلة . و هذا مذهب مالك والشافعي وأحمد
وعند الأحناف لابد من ملك النصاب .
وتجب عليه ، عن نفسه ، وعمن تلزمه نفقته ، كزوجته ، وأبنائه ، وخدمه الذين يتولى أمورهم ، ويقوم بالأنفاق عليهم .
قدرها : الواجب في صدقة الفطر صاع من القمح ، أو الشعير ، التمر ، أو الزبيب ، أو ألاقط ، أو الأرز ، أو الذرة أو نحو ذلك مما يعتبر قوتا .
الصاع: أربعة أمداد . والمد حفنة بكفي الرجل المعتدل الكفين ويساوي قدحا وثلث قدح أو قدحين .
الاقط : لبن مجفف لم تنزع زبدته .
وجوز أبو حنيفة إخراج القيمة .
وقال : إذا أخرج المزكي من القمح ، فإنه يجزئ نصف صاع .

قال أبو سعيد الخدري : " كنا ، إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نخرج زكاة الفطر عن كل صغير ، وكبير ، حر ، ومملوك ، صاعا من من طعام ، أو صاعا من أقط ، أو صاعا من شعير ، أو صاعا من تمر ، أو صاعا من زبيب ، فلم نزل نخرجه حتى قدم معاوية حاجا ، أو معتمرا ، فكلم الناس على المنبر ، فكان فيما كلم به الناس ، أن قال : إني أرى أن مُدين (نصف صاع ) من سمراء (قمح ) الشام ، تعدل صاعا من تمر ، فأخذ الناس بذلك . قال أبو سعيد : فأما أنا ، فلا أزال أخرجه أبدا ما عشت " رواه الجماعة .
قال الترمذي : والعمل على هذا عند بعض أهل العلم يرون من كل شئ صاعا ، وهو قول الشافعي ، وإسحاق . وقال بعض أهل العلم : من كل شئ صاع إلا البر فإنه يجزئ نصف صاع وهو قول سفيان ، وابن المبارك ، وأهل الكوفة .
متى تجب ؟ :
اتفق الفقهاء على أنها تجب في آخر رمضان ، واختلفوا في تحديد الوقت ، الذي تجب فيه .
فقال الثوري ، وأحمد ، وإسحاق ، والشافعي في الجديد ، وإحدى الروايتين عن مالك : إن وقت وجوبها ، غروب الشمس ، ليلة الفطر (نهاية شهر رمضان بعد ظهور هلال شوال ) ، لأنه وقت الفطر من رمضان .
وقال أبو حنيفة ، والليث ، والشافعي ، في القديم ، والرواية الثانية عن مالك : إن وقت وجوبها طلوع الفجر من يوم العيد .
وفائدة هذا الاختلاف ، في المولود يولد قبل الفجر ، من يوم العيد ، وبعد مغيب الشمس ، هل تجب عليه أم لا تجب ؟ فعلى القول الأول لا تجب ، لأنه ولد بعد وقت الوجوب ، وعلى الثاني : تجب ، لأنه ولد قبل وقت الوجوب .
تعجيلها عن وقت الوجوب :
جمهور الفقهاء على أنه يجوز تعجيل صدقة الفطر قبل العيد بيوم ، أو بيومين . قال ابن عمر رضي الله عنهما : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر ، أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة .
قال نافع : وكان ابن عمر يؤديها ، قبل ذلك ، باليوم ، أو اليومين .
واختلفوا فيما زاد على ذلك .
فعند أبي حنيفة : يجوز تقديمها على شهر رمضان . وقال الشافعي : يجوز التقديم من أول الشهر .
وقال مالك ومشهور مذهب أحمد : يجوز تقديمها يوما أو يومين .
واتفقت الأئمة على أن زكاة الفطر لا تسقط بالتأخير بعد الوجوب ، بل تصير دينا في ذمة من لزمته ، حتى تؤدى ، ولو في آخر العمر .
واتفقوا : على أنه لا يجوز تأخيرها عن يوم العيد وجزموا بأنها تجزئ إلى آخر يوم الفطر( قبل غروب شمس اول يوم فى شوال) .

إلا ما نقل عنابن سيرين ، والنخعي ، أنهما قالا : يجوز تأخيرها عن يوم العيد ،
وقال أحمد : أرجو أن لا يكون به بأس .
وقال ابن رسلان : إنه حرام بالاتفاق ، لانها زكاة ، فوجب أن يكون في تأخيرها إثم ، كما في إخراج الصلاة عن وقتها .
وقد تقدم في الحديث : " من أداها قبل الصلاة ، فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة ، فهي صدقة من الصدقات ( التى يتصدق بها فى أى وقت ) "
مصرفها :
هو مصرف الزكاة ، أي أنها توزع على الأصناف الثمانية المذكورة في آية : " إنما الصدقات للفقراء " . والفقراء هم أولى الأصناف بها ، لما تقدم في الحديث : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر ، طهرة للصائم ، من اللغو والرفث ، و طعمة للمساكين .
ولما رواه البيهقي ، والدار قطني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر وقال : " أغنوهم في هذا اليوم " وفي رواية للبيهقي : " أغنوهم عن طواف هذا اليوم " .
زكاة الفطر تُفرق في البلد الذي وجبت على المسلم فيه ، سواء كان ماله فى هذا البلد ، أم لم يكن لان الزكاة تتعلق بعينه - وهو سبب الوجوب - لا المال .

إعطاؤها للذمي : أجاز الزهري ، وأبو حنيفة ، ومحمد ، وابن شبرمة ، إعطاء الذمي من زكاة الفطر لقول الله تعال : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ) الممتحنة 8.
 

نقل الزكاة من بلد إلى أخرى


أجمع الفقهاء على جواز نقل الزكاة إلى من يستحقها ، من بلد إلى أخرى إذا استغنى أهل بلد المزكي عنها .
أما إذا لم يستغن قوم المزكي عنها ، فقد جاءت الأحاديث مصرحة بأن زكاة كل بلد تصرف في فقراء أهله ، ولا تنقل إلى بلد آخر ، لان المقصود من الزكاة ، إغناء الفقراء من كل بلد ، فإذا أبيح نقلها من بلد - مع وجود فقراء بها - أفضى إلى بقاء فقراء ذلك البلد محتاجين .
ففي حديث معاذ المتقدم " أخبرهم " : أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم " .
وعن أبي جحيفة قال : قدم علينا مصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ الصدقة من أغنيائنا فجعلها في فقرائنا ، فكنت غلاما يتيما ، فأعطاني قلوصا .
رواه الترمذي وحسنه .
وعن عمران بن حصين : أنه أستعمل على الصدقة ، فلما رجع قيل له : أين المال ؟ قال : وللمال أرسلتني ؟ أخذناه من حيث كنا نأخذه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووضعناه حيث كنا نضعه . رواه أبو داود ، وابن ماجه .
وعن طاوس قال : كان في كتاب معاذ : من خرج من مخلاف إلى مخلاف ، فإن صدقته وعشره في مخلاف عشيرته . رواه الأثرم في سننه .
وقد استدل الفقهاء بهذه الأحاديث :
على أنه يشرع صرف زكاة كل بلد في فقراء أهله ، واختلفوا في نقلها من بلدة إلى بلدة أخرى ، بعد إجماعهم على أنه يجوز نقلها إلى من يستحقها إذا استغنى أهل بلده عنها ، كما تقدم .
فقال الأحناف : يكره نقلها ، إلا أن ينقلها إلى قرابة محتاجين لما في ذلك من صلة الرحم ، أو جماعة هم أمس حاجة من أهل بلده ، أو كان نقلها أصلح للمسلمين ، أو من دار الحرب إلى دار الإسلام ، أو إلى طالب علم ، أو كانت الزكاة معجلة قبل تمام الحول ، فإنه في هذه الصور جميعها ، لا يكره النقل .
وقالت الشافعية : لا يجوز نقل الزكاة ، ويجب صرفها في بلد المال ، إلا إذا فقد من يستحق الزكاة ، في الموضع الذي وجبت فيه .
فعن عمرو بن شعيب : أن معاذ بن جبل لم يزل بالجند - إذ بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم - حتى مات النبي صلى الله عليه وسلم ثم قدم على عمر ، فرده على ما كان عليه ، فبعث إليه بثلث صدقة الناس ، فأنكر ذلك عمر ، وقال : لم أبعثك جابيا ولا آخذ جزية ، ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس ، فترد على فقرائهم ، فقال معاذ : ما بعثت إليك بشيء وأنا أجد أحدا يأخذه مني . فلما كان العام الثاني بعث إليه بشطر الصدقة ، فتراجعا بمثل ذلك ، فلما كان العام الثالث بعث إليه بها كلها ، فراجعه عمر بمثل ما راجعه ، فقال معاذ : ما وجدت أحدا يأخذ مني شيئا . رواه أبو عبيد .
وقال مالك : لا يجوز نقل الزكاة ، إلا أن يقع بأهل بلد حاجة ، فينقلها الإمام إليهم ، على سبيل النظر والاجتهاد .
وقالت الحنابلة : لا يجوز نقل الصدقة من بلدها إلى مسافة القصر .
ويجب صرفها في موضع الوجوب أو قربه ، إلى ما دون مسافة القصر . قال أبو داود : سمعت أحمد ، سئل عن الزكاة يبعث بها من بلد إلى بلد ؟ قال : لا . قيل : وإن كان قرابته بها ؟ قال : لا . فإن استغنى عنها فقراء أهل بلدها جاز نقلها ، واستدلوا بحديث أبي عبيد المتقدم .قال ابن قدامة : فإن خالف ونقلها أجزأته ، في قول أكثر أهل العلم . فإن كان الرجل في بلد ، وماله في بلد آخر ، فالمعتبر ببلد المال ، لأنه سبب الوجوب ويمتد إليه نظر المستحقين . فإن كان بعضه حيث هو ، وبعضه في بلاد أخرى ، أدى زكاة كل مال ، حيث هو .
هذا في زكاة المال ، أما زكاة الفطر ، فإنها تفرق في البلد الذي وجبت عليه فيه ، سواء كان ماله فيه ، أم لم يكن لان الزكاة تتعلق بعينه - وهو سبب الوجوب - لا المال .

 الخطأ في مصرف الزكاة :
لو أخطأ المزكي ، وأعطى من تحرم عليه ، وترك من تحل له دون علمه ، ثم تبين له خطؤه ، فهل يجزئه ذلك ، وتسقط عنه الزكاة ، أم أن الزكاة لا تزال دينا في ذمته ، حتى يضعها موضعها ؟
اختلفت أنظار الفقهاء في هذه المسألة :
فقال أبو حنيفة ، ومحمد ، والحسن ، وأبو عبيدة : يجزئه ما دفعه ولا يطالب بدفع زكاة أخرى .

فعن معن بن يزيد قال : كان أبي أخرج دنانير ، يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد ، فجئت فأخذتها فأتيته بها ، فقال : والله ما إياك أردت . فخاصمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " لك ما نويت يا يزيد ، ولك ما أخذت يا معن " . رواه أحمد ، والبخاري .
والحديث ، وإن كان فيه احتمال كون الصدقة نفلا ، إلا أن لفظ : " ما " في قوله : " لك ما نويت " يفيد العموم . ولهم أيضا في الاحتجاج حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال : " قال رجل ( من بني إسرائيل ) : لأتصدقن الليلة بصدقة ، فخرج بصدقته ، فوضعها في يد سارق ( و هو لا يعلم ) فأصبحوا يتحدثون : تصدق الليلة على سارق فقال : اللهم لك الحمد ( حمد الله على تلك الحالة ) لا تصدقن بصدقة . فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية ، فأصبحوا يتحدثون : تصدق الليلة على زانية ، فقال : اللهم لك الحمد على زانية ، لأتصدقن بصدقة ، فخرج بصدقته ، فوضعها في يد غني . فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على غني فقال . اللهم لك الحمد على زانية ، وعلى سارق ، وعلى غني ، فأتي (رأى في منامه) فقيل له : أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته . وأما الزانية ، فلعلها أن تستعف به عن زناها . وأما الغني ، فلعله أن يعتبر ، فينفق مما آتاه الله عز و جل " . رواه أحمد ، والبخاري ، ومسلم .
ولان النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي سأله الصدقة : " إن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك " وأعطى الرجلين الجلدين ، وقال : " إن شئتما أعطيتكما منها ، ولاحظَّ فيها لغني ، ولا لقوي مكتسب " .

قال في المُغني ، ولو اعتبر حقيقة الغني ، لما اكتفى بقولهم .
وذهب مالك ، والشافعي ، وأبو يوسف ، والثوري ، وابن المنذر : إلى أنه لا يجزئه دفع الزكاة ، إلى من لا يستحقها ، إذا تبين له خطؤه وأن عليه أن يدفعها مرة أخرى إلى أهلها ، لأنه دفع الواجب إلى من لا يستحقه فلم يخرج من عهدته ، كديون الآدميين . ومذهب أحمد : إذا أعطى الزكاة من يظنه فقيرا ، فبان غنيا ، ففيه روايتان : رواية بالإجزاء ، ورواية بعدمه .
فأما إن بان الآخذ عبدا ، أو كافرا ، أو هاشميا ، أو ذا قرابة للمعطي ، ممن لا يجوز الدفع إليه لم يجزئه الدفع إليه ،
رواية واحدة ، لانه يتعذر معرفة الفقير من الغني دون غيره " يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف " .
اظهار الصدقة :
يجوز للمتصدق أن يظهر صدقته ، سواء أكانت الصدقة صدقة فرض ، أم نافلة ، دون أن يرائي بصدقته ، وإخفاؤها أفضل .
قال الله تعالى : "
إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم " البقرة 271. وعند أحمد ، والشيخين ، عن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : الإمام العادل ، وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجل قلبه معلق بالمساجد ، ورجلان تحابا في الله عز و جل ، اجتمعا عليه ، وتفرقا عليه ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها ، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه . ورجل دعته امرأة ذات منصب ، وجمال ، إلى نفسها ، فقال : إني أخاف الله عز وجل .

 

استحباب إعطاء الصدقة للصالحين


براءة رب المال بالدفع إلى الإمام مع العدل والجور :
إذا كان للمسلمين إمام يدين بالإسلام دفع الزكاة إليه عادلا كان أم جائرا ، وتبرأ ذمة رب المال بالدفع إليه . إلا انه إذا كان لا يضع الزكاة موضعها ، فالأفضل له أن يفرقها بنفسه على مستحقيها إلا إذا طلبها الإمام أو عامله عليها .
هذا ، ولا يشترط أن يقول المعطي للزكاة - سواء أكان الإمام أم رب المال - أن يقول للفقير : إنها زكاة ، بل يكفي مجرد الإعطاء .
فعن أنس قال : أتى رجل من بني تميم ، رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : حسبي يا رسول الله ، إذا أديت الزكاة إلى رسولك فقد برئت منها إلى الله ورسوله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم ، إذا أديتها إلى رسولي فقد برئت منها ، فلك أجرها ، وإثمها على من بدلها " . رواه أحمد .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنها ستكون بعدي أثرة ، وأمور تنكرونها . قالوا : يا رسول الله فما تأمرنا ، قال : " تؤدون الحق الذي عليكم ، وتسألون الله الذي لكم " . رواه البخاري ، ومسلم .
الأثرة : استئثار الإنسان بالشيء دون إخوانه
وعن وائل بن حجر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل يسأله - فقال : أرأيت إن كان علينا أمراء يمنعوننا حقَّنا و يسألوننا حقهم ؟ فقال : " اسمعوا وأطيعوا ، فإنما عليهم ما حملوا ، وعليكم ما حملتم " رواه مسلم .
قال الشوكاني : و الأحاديث المذكورة في الباب ، استدل بها الجمهور على جواز دفع الزكاة إلى سلاطين الجور ، و إجزائها .
هذا بالنسبة لإمام المسلمين في دار الإسلام . وأما إعطاء الزكاة للحكومات المعاصرة .
قال الشيخ رشيد رضا :" ولكن أكثر المسلمين لم يبق لهم في هذا العصر حكومات إسلامية ، تقيم الإسلام بالدعوة إليه ، والدفاع عنه والجهاد الذي يوجبه وجوبا عينيا ، أو كفائيا ، وتقيم حدوده ، وتأخذ الصدقات المفروضة ، كما فرضها الله ، وتضعها في مصارفها التي حددها - بل سقط أكثرهم تحت سلطة دول الإفرنج ، وبعضهم تحت سلطة حكومات مرتدة عنه ، أو ملحدة فيه . ولبعض الخاضعين لدون الإفرنج رؤساء من المسلمين الجغرافيين ، اتخذهم الإفرنج آلات لإخضاع الشعوب لهم ، باسم الإسلام حتى فيما يهدمون به الإسلام ، ويتصرفون بنفوذهم وأموالهم الخاصة بهم ، فيما له صفة دينية ، من صدقات الزكاة ، و الأوقاف وغيرهما . فأمثال هذه الحكومات ، لا يجوز دفع شئ من الزكاة لها ، مهما يكن لقب رئيسها ، ودينه الرسمي . وأما بقايا الحكومات الإسلامية ، التي يدين أئمتها ورؤساؤها بالإسلام ، ولا سلطان عليهم للأجانب في بيت مال المسلمين ، فهي التي يجب أداء الزكاة الظاهرة لائمتها . وكذا الباطنة ، كالنقدين إذا طلبوها ، وإن كانوا جائرين في بعض أحكامهم ، كما قال الفقهاء " . انتهى . 

استحباب إعطاء الصدقة للصالحين :
الزكاة تعطى للمسلم ، إذا كان من أهل السهام (من الأصناف الثمانية) ، وذوي الاستحقاق ، سواء أكان صالحا أم فاسقا إلا إذا علم أنه سيستعين بها على ارتكاب ما حرم الله ، فإنه يمنع منها ، سدا للذريعة ، فإذا لم يعلم عنه شئ ، أو علم أنه سينتفع بها ، فإنه يعطى منها .
الفاسق : هو المرتكب للكبيرة ، أو المصر على الصغيرة
وينبغي أن يخص المزكي بزكاته أهل الصلاح والعلم ، وأرباب المروءات
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مثل المؤمن ، ومثل الإيمان ، كمثل الفرس في آخيته يجول ، ثم يرجع إلى آخيته . وإن المؤمن يسهو ثم يرجع إلى الإيمان . فأطعموا طعامكم الأتقياء ، وأولوا معروفكم المؤمنين " رواه أحمد ، بسند جيد ، وحسنه السيوطي .
الآخية: عروة أو عود يغرز في الحائط لربط الدواب ، يعني العبد يبعد يترك أعمال الإيمان ثم يعود إلى الإيمان الثابت نادما على تركه متداركا ما فاته ، كالفرس يبعد عن آخيته ثم يعود إليها .
نهي المزكي أن يشتري صدقته :
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المزكي ان يشتري زكاته حتى لا يرجع فيما تركه لله عز وجل ، كما نهى المهاجرين عن العودة إلى مكة ، بعد أن فارقوها مهاجرين
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : " أن عمر رضي الله عنه حمل ( 1 ) على فرس في سبيل الله ، فوجده يباع ، فأراد أن يبتاعه (يشتريه ) ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : " لا تبتعه ، ولا تعد في صدقتك " رواه الشيخان ، وأبو داود ، والنسائي .
قال النووي : هذا نهي تنزيه ، لا تحريم فيكره لمن تصدق بشيء أو أخرجه في زكاته ، أو كفارة نذر ، ونحو ذلك من القربات أن يشتريه ممن دفعه هو إليه . أو يهبه ، أو يتملكه باختياره ، فأما إذا ورثه منه فلا كراهة فيه .
1 ) أي حمل عليه رجلا في سبيل الله . ومعناه أن عمر أعطاه الفرس وملَّكه إياه ، ولذلك صح له بيعه .
وقال ابن بطال : كره أكثر العلماء شراء الرجل صدقته لحديث عمر هذا .
وقال ابن المنذر : رخص في شراء الصدقة الحسن ، وعكرمة وربيعة ، و الأوزاعي .
ورجح هذا الرأي ابن حزم ، واستدل بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تحل الصدقة لغني ، إلا لخمسة : لغاز في سبيل الله ، أو لعامل عليها ، أو لغارم ، أو لرجل اشتراها بماله ، أو لرجل كان له جار مسكين ، فتصدق على المسكين ، فأهداها المسكين للغني " .


استحباب إعطاء الزكاة للزوج و الأقارب :
إذا كان للزوجة مال ، تجب فيه الزكاة ، فلها أن تعطي لزوجها المستحق من زكاتها ، إذا كان من أهل الاستحقاق ، لأنه لا يجب عليها الإنفاق عليه . وثوابها في إعطائه أفضل من ثوابها إذا أعطت الأجنبي .
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن زينب امرأة ابن مسعود قالت : يا نبي الله ، إنك أمرت اليوم بالصدقة وكان عندي حلى ، فأردت أن أتصدق به ، فزعم ابن مسعود أنه و ولده ، أحق من تصدقت به عليهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " صدق ابن مسعود ، زوجك ، وولدك أحق من تصدقت به عليهم " رواه البخاري .
وهذا مذهب الشافعي ، وابن المنذر ، وأبي يوسف ، ومحمد ، وأهل الظاهر ، ورواية عن أحمد .
وذهب أبو حنيفة ، وغيره : إلى أنه لا يجوز لها أن تدفع له من زكاتها ، وقالوا : إن حديث زينب ورد في صدقة التطوع ، لا الفرض . وقال مالك إن كان يستعين بما يأخذه منها على نفقتها فلا يجوز . وإن كان يصرفه في غير نفقتها جاز .
وأما سائر الأقارب كالأخوة ، و الأخوات ، و الأعمام و الأخوال ، والعمات . والخالات ، فإنه يجوز دفع الزكاة إليهم ، إذا كانوا مستحقين ، في قول أكثر أهل العلم . لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " الصدقة على المسكين صدقة (1)، وعلى ذي القرابة اثنتان(2) : صلة ، وصدقة " رواه أحمد والنسائي والترمذي وحسنه .
( 1 ) أي فيها أجر الصدقة .
( 2 ) أي فيها أجران ، أجر صلة الرحم ، وأجر الصدقة
إعطاء طلبة العلم من الزكاة دون العباد
قال النووي : ولو قدر على كسب يليق بحاله ، إلا أنه مشتغل بتحصيل بعض العلوم الشرعية ، بحيث لو أقبل على الكسب لانقطع عن التحصيل ، حلت له الزكاة ، لان تحصيل العلم فرض كفاية .
وأما من لا يتأتى منه التحصيل فلا تحل له الزكاة إذا قدر على الكسب ، وإن كان مقيما بالمدرسة هذا الذي ذكرناه هو الصحيح المشهور . قال : " وأما من أقبل على نوافل العبادات - والكسب يمنعه منها ، أو من استغراق الوقت بها - فلا تحل له الزكاة بالاتفاق ، لان مصلحة عبادته قاصرة عليه ، بخلاف المشتغل بالعلم " .


إسقاط الدين عن الزكاة (هل يصح إعتبار الدين من الزكاة)إذا كان رجل يجب عليه إخراج الزكاة و له دين عند رجل فقير او معسر ، فأراد من وجبت عليه الزكاة ان يجعلها عن الدين
(أى إنه يجعل زكاته للمعسر الذى عليه الدين له فيبقى زكاته بدل الدين الذى له )وقال له : جعلته عن زكاتي فلهذا
وجهان : أصحهما ، لا يجزئه ، وهو مذهب أحمد ، وأبي حنيفة ، لان الزكاة في ذمته ، فلا يبرأ إلا بإقباضها (يعطيها لمستحقيها) . والثاني : يجزئه ، وهو مذهب الحسن البصري . وعطاء ، لأنه لو دفعه إليه ، ثم أخذه منه جاز ، فكذا إذا لم يقبضه . كما لو كانت له دراهم وديعة ، ودفعها عن الزكاة ، فإنه يجزئه ، سواء قبضها ، أم لا .
أما إذا دفع الزكاة ، بشرط أن يردها إليه عن دينه فلا يصح الدفع ، ولا تسقط الزكاة بالاتفاق . ولا يصح قضاء الدين بذلك بالاتفاق ،ولو نويا ذلك ، ولم يشترطاه ، جاز بالاتفاق ، و أجزأه عن الزكاة ، وإذا رده إليه عن الدين ، برئ .
أى يكون فى نيته انه بعد ان يعطيه الزكاة سيطلب منه سداد الدين لكن لو اشترط عليه ان يسد الدين بعد اعطائه الزكاة فهذا الذى لا يصح

توزيع الزكاة و المحرمة عليهم

توزيع الزكاة على المستحقين ، كلهم ، أو بعضهم :
الأصناف الثمانية ، المستحقون للزكاة ، المذكورون في الآية هم :
الفقراء والمساكين ، والعاملون عليها ، والمؤلفة قلوبهم ، و الأرقاء ، والغارمون وأبناء السبيل والمجاهدون .
وقد اختلف الفقهاء في توزيع الصدقة عليهم :
فقال الشافعي و أصحابه : إن كان مُفرِق الزكاة هو المالك أو وكيله ، سقط نصيب العامل ، و وجب صرفها إلى الأصناف السبعة الباقين ، إن وجدوا وإلا فللموجود منهم ، ولا يجوز ترك صنف منهم ، مع وجوده ، فإن تركه ضمن نصيبه .
وقال إبراهيم النخعي : إن كان المال كثيرا ، يحتمل الأجزاء قسمه على الأصناف . وإن كان قليلا جاز أن يوضع في صنف واحد .
وقال أحمد بن حنبل : تفريقها أولى ، ويُجزئه أن يضعه في صنف واحد .
وقال مالك : يجتهد ويتحرى موضع الحاجة منهم ، ويقدم الأولى فالأولى ، من أهل الخلة ( الحاجة ) والفاقة ، فإن رأى الخلة في الفقراء في عام ، أكثر قدمهم ، وإن رآهم في أبناء السبيل في عام آخر ، حولها إليهم .
وقالت الأحناف وسفيان الثوري : هو مخير يضعها في أي الأصناف شاء . وهذا مروي عن حذيفة ، وابن عباس ، وقول الحسن البصري ، وعطاء ابن أبي رباح .
وقال أبو حنيفة : وله صرفها إلى شخص واحد ، من أحد الأصناف .
سبب اختلافهم ومنشؤه :
قال ابن رشد : " وسبب اختلافهم معارضة اللفظ للمعنى ، فإن اللفظ يقتضي القسمة بين جميعهم ، والمعنى يقتضي أن يؤثر بها أهل الحاجة ، إذ كان المقصود بها سد الخلة ، فكان تعديدهم في الآية عند هؤلاء إنما ورد لتمييز الجنس - أعني أهل الصدقات - لا تشريكهم في الصدقة . فالأول أظهر من جهة اللفظ ، وهذا أظهر من جهة المعنى . " ومن الحجة للشافعي ، ما رواه أبو داود عن الصدائي : أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يعطيه من الصدقة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله لم يرض أن يحكم نبي ولا غيره في الصدقات ، حتى حكم فيها ، فجزأها ثمانية أجزاء ، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك " .

ترجيح رأي الجمهور على رأي الشافعي :

لم يرد ما يقتضي إيجاب توزيع كل صدقة على جميع الأصناف .
فالمراد بتجزئة مصارفها ، كما هو ظاهر الآية التي قصدها صلى الله عليه وسلم : ولو كان المراد تجزئة الصدقة نفسها ، وأن كل جزء لا يجوز صرفه في غير الصنف المقابل له ، لما جاز صرف نصيب ما هو معدوم من الأصناف إلى غيره ، وهو خلاف الإجماع من المسلمين .
وأيضا لو سلم ذلك ، لكان باعتبار مجموع الصدقات التي تجتمع عند الإمام ، لا باعتبار صدقة كل فرد ، فلم يبق ما يدل على وجوب التقسيط بل يجوز إعطاء بعض المستحقين بعض الصدقات ، وإعطاء بعضهم بعضا آخر . نعم إذا جمع الإمام جميع صدقات أهل قطر من الأقطار ، وحضر عنده جميع الأصناف الثمانية ، كان لكل صنف حق في مطالبته بما فرضه الله ، وليس عليه تقسيط ذلك بينهم بالسوية ولا تعميمهم بالعطاء ، بل له أن يعطي بعض الأصناف أكثر من البعض الآخر ، وله أن يعطي بعضهم دون بعض ، إذا رأى في ذلك صلاحا عائدا على الإسلام وأهله .
مثلا إذا جمعت لديه الصدقات ، وحضر الجهاد ، وحقت المدافعة عن حوزة الإسلام من الكفار ، أو البغاة ، فإن له إيثار صنف المجاهدين بالصرف إليهم ، وإن استغرق جميع الحاصل من الصدقات ، وهكذا إذا اقتضت المصلحة إيثار غير المجاهدين (هذا هو أرجح الآراء و أحقها ) " 

من يحرم عليهم الصدقة :
1 - الكفرة و الملاحدة :
وهذا مما اتفقت عليه كلمة الفقهاء .
ففي الحديث " تؤخذ من أغنيائهم ، وترد على فقرائهم " . والمقصود بهم أغنياء المسلمين وفقراؤهم دون غيرهم .
قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الذمي لا يعطى من زكاة الأموال شيئا . ويستثنى من ذلك المؤلفة قلوبهم كما تقدم بيانه .
ويجوز أن يُعطوا (الذميين ) من صدقة التطوع :
ففي القرآن : " ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا " .
وفي الحديث : " صلي أمك " وكانت مشركة .
الذميين :اصحاب الديانات الأخرى الذين يعيشون فى بلاد يحكمها المسلمون فهم فى ذمة اى فى امانة المسلمين
2 - بنو هاشم : والمراد بهم آل علي وآل عقيل ، وآل جعفر ، وآل العباس ، وآل الحارث .
قال ابن قدامة : لا نعلم خلافا في أن بني هاشم لا تحل لهم الصدقة المفروضة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد ، إنما هي أوساخ الناس " رواه مسلم .
واختلف العلماء في بني المطلب ، فذهب الشافعي : إلى أنه ليس لهم الأخذ من الزكاة ، مثل بني هاشم . لما رواه الشافعي ، وأحمد ، والبخاري ، عن جبير بن مطعم قال : لما كان يوم خيبر ، وضع النبي صلى الله عليه وسلم سهم ذوي القربى في بني هاشم وبني المطلب ، وترك بني نوفل ، وبني عبد شمس ، فأتيت أنا ، وعثمان ابن عفان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا : يا رسول الله هؤلاء بنو هاشم ، لا ننكر فضلهم للموضع الذي وضعك الله به منهم ، فما بال إخواننا بني المطلب أعطيتهم وتركتنا ، وقرابتنا واحدة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم " إنا وبني المطب لا نفترق في جاهلية ولا إسلام ، وإنما نحن وهم شئ واحد ، وشبك بين أصابعه .
قال ابن حزم : فصح أنه لا يجوز أن يفرق بين حكمهم ، في شئ أصلا ، لأنهم شئ واحد بنص كلامه ، عليه الصلاة والسلام ، فصح أنهم آل محمد ، وإذ هم آل محمد ، فالصدقة عليهم حرام .
وعن أبي حنيفة ، أن لبني المطلب أن يأخذوا من الزكاة ، والرأيان روايتان عن أحمد .
وكما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة على بني هاشم ، حرمها كذلك على مواليهم (الأرقاء الذين أعتقوهم ) .
فعن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا من بني مخزوم على الصدقة ، فقال : أصحبني كيما تصيب منها ، قال : لا ، حتى آتيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأسأله ، وانطلق فسأله فقال : " إن الصدقة لا تحل لنا ، وإن موالي القوم من أنفسهم " رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وقال : حسن صحيح .
واختلف العلماء في صدقة التطوع ، هل تحل لهم أم تحرم عليهم ؟ .
قال الشوكاني : ملخصا الأقوال في ذلك - واعلم أن ظاهر قوله : " لا تحل لنا الصدقة " عدم حل صدقة الفرض والتطوع ، وقد نقل جماعة ، منهم الخطابي ، الإجماع على تحريمها عليه ، صلى الله عليه وسلم . وتعقب بأنه قد حكى غير واحد عن الشافعي في التطوع قولا . وكذا في رواية عن أحمد .
وقال ابن قدامة : ليس ما نقل عنه من ذلك بواضح الدلالة . وأما آل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد قال أكثر الحنفية وهو الصحيح عن الشافعية ، والحنابلة ، وكثير من الزيدية - إنها تجوز لهم صدقة التطوع دون الفرض ، قالوا : لان المحرم عليهم إنما هو أوساخ الناس ، وذلك هو الزكاة لا صدقة التطوع
وقال أبو يوسف ، وأبو العباس ، إنها تحرم عليهم كصدقة الفرض ، لان الدليل لم يفصل (هذا هو الراجح )


( 3 و 4 ) الآباء و الأبناء :
اتفق الفقهاء : على أنه لا يجوز إعطاء الزكاة إلى الآباء و الأجداد ، و الأمهات ، والجدات ، و الأبناء ، وأبناء الأبناء ، والبنات وأبنائهن ، لأنه يجب على المزكي أن ينفق على آبائه وإن علوا ، وأبنائه ، وإن نزلوا ، وإن كانوا فقراء ، فهم أغنياء بغناه ، فإذا دفع الزكاة إليهم فقد جلب لنفسه نفعا ، بمنع وجوب النفقة عليه .
واستثنى مالك الجد ، والجدة ، وبني البنين ، فأجاز دفعها إليهم لسقوط نفقتهم. هذا في حالة ما إذا كانوا فقراء ، فإن كانوا أغنياء ، وغزوا متطوعين في سبيل الله ، فله أن يعطيهم من سهم سبيل الله ، كما له أن يعطيهم من سهم الغارمين ، لأنه لا يجب عليه أداء ديونهم ، ويعطيهم كذلك من سهم العاملين ، إذا كانوا بهذه الصفة .
يرى ابن تيمية أنه يجوز دفع الزكاة إلى الوالدين ، إذا كان لا يستطيع أن ينفق عليهم وكانوا هم في حاجة إليها .
( 5 ) الزوجة :
قال ابن المنذر :أجمع أهل العلم على أن الرجل لا يعطي زوجته من الزكاة .
وسبب ذلك ، أن نفقتها واجبة عليه ، تستغني بها عن أخذ الزكاة ، مثل الوالدين ، إلا إذا كانت مدينة فتعطى من سهم الغارمين ، لتؤدي دينها .
( 6 ) صرف الزكاة في وجوه القُرب :
لا يجوز صرف الزكاة إلى القرب التي يتقرب بها إلى الله تعالى ، غير ما ذكره في آية : "
إنما الصدقات للفقراء والمساكين "
فلا تدفع لبناء المساجد والقناطر ، وإصلاح الطرقات ، والتوسعة على الأضياف ، وتكفين الموتى وأشباه ذلك . قال أبو داود : سمعت أحمد - وسئل - يكفن الموتى من الزكاة ؟ قال : لا ، ولا يقضى من الزكاة دين الميت وقال : يقضى من الزكاة دين الحي ، ولا يقضى منها دين الميت . لان الميت لا يكون غارما . قيل : فإنما يعطى أهله . قال : إن كانت على أهله فنعم .لان الغارم هو الميت ، ولا يمكن الدفع إليه وإن دفعها للغريم صار الدفع إلى الغريم ، لا إلى الغارم .
من الذي يقوم بتوزيع الزكاة :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث نوابه ، ليجمعوا الصدقات ، ويوزعها على المستحقين ، وكان أبو بكر وعمر يفعلان ذلك . لا فرق بين الأموال الظاهرة و الباطنة فلما جاء عثمان ، سار على النهج زمنا ، إلا أنه لما رأى كثرة الأموال الباطنة ، و وجد أن في تتبعها حرجا على الأمة وفي تفتيشها ضررا بأربابها (اصحابها)، فوض أداء زكاتها إلى أصحاب الأموال .
الأموال الظاهرة هي الزروع والثمار والمواشي والمعادن ، و الباطنة ، هي عروض التجارة والذهب والفضة و الركاز .
وقد اتفق الفقهاء على أن المُلاك هم الذين يتولون تفريق الزكاة بأنفسهم ، إذا كانت الزكاة زكاة الأموال الباطنة .لقول السائب بن يزيد : سمعت عثمان بن عفان يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : هذا شهر زكاتكم ، فمن كان منكم عليه دين فليقض دينه ، حتى تخلص أموالكم فتؤدوا منها الزكاة . رواه البيهقي بإسناد صحيح .
وقال النووي : ونقل أصحابنا فيه إجماع المسلمين .
وإذا كان للمُلاك أن يفرقوا زكاة أموالهم الباطنة فهل هذا هو الأفضل ؟
أم الأفضل أن يؤدوها للإمام ليقوم بتوزيعها ؟ .
المختار عند الشافعية : أن الدفع إلى الإمام ، إذا كان عادلا أفضل .
وعند الحنابلة : الأفضل أن يوزعها بنفسه ، فإن أعطاها للسلطان فجائز
عند مالك ، و الأحناف : إذا كانت الأموال ظاهرة ، فإمام المسلمين ونوابه هم الذين لهم ولاية الطلب ، و الأخذ. ورأي الشافعية والحنابلة في الأموال الظاهرة كرأيهم في الأموال الباطنة .