Wikipedia

نتائج البحث

السبت، 16 أكتوبر 2010

نقل الزكاة من بلد إلى أخرى


أجمع الفقهاء على جواز نقل الزكاة إلى من يستحقها ، من بلد إلى أخرى إذا استغنى أهل بلد المزكي عنها .
أما إذا لم يستغن قوم المزكي عنها ، فقد جاءت الأحاديث مصرحة بأن زكاة كل بلد تصرف في فقراء أهله ، ولا تنقل إلى بلد آخر ، لان المقصود من الزكاة ، إغناء الفقراء من كل بلد ، فإذا أبيح نقلها من بلد - مع وجود فقراء بها - أفضى إلى بقاء فقراء ذلك البلد محتاجين .
ففي حديث معاذ المتقدم " أخبرهم " : أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم " .
وعن أبي جحيفة قال : قدم علينا مصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ الصدقة من أغنيائنا فجعلها في فقرائنا ، فكنت غلاما يتيما ، فأعطاني قلوصا .
رواه الترمذي وحسنه .
وعن عمران بن حصين : أنه أستعمل على الصدقة ، فلما رجع قيل له : أين المال ؟ قال : وللمال أرسلتني ؟ أخذناه من حيث كنا نأخذه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووضعناه حيث كنا نضعه . رواه أبو داود ، وابن ماجه .
وعن طاوس قال : كان في كتاب معاذ : من خرج من مخلاف إلى مخلاف ، فإن صدقته وعشره في مخلاف عشيرته . رواه الأثرم في سننه .
وقد استدل الفقهاء بهذه الأحاديث :
على أنه يشرع صرف زكاة كل بلد في فقراء أهله ، واختلفوا في نقلها من بلدة إلى بلدة أخرى ، بعد إجماعهم على أنه يجوز نقلها إلى من يستحقها إذا استغنى أهل بلده عنها ، كما تقدم .
فقال الأحناف : يكره نقلها ، إلا أن ينقلها إلى قرابة محتاجين لما في ذلك من صلة الرحم ، أو جماعة هم أمس حاجة من أهل بلده ، أو كان نقلها أصلح للمسلمين ، أو من دار الحرب إلى دار الإسلام ، أو إلى طالب علم ، أو كانت الزكاة معجلة قبل تمام الحول ، فإنه في هذه الصور جميعها ، لا يكره النقل .
وقالت الشافعية : لا يجوز نقل الزكاة ، ويجب صرفها في بلد المال ، إلا إذا فقد من يستحق الزكاة ، في الموضع الذي وجبت فيه .
فعن عمرو بن شعيب : أن معاذ بن جبل لم يزل بالجند - إذ بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم - حتى مات النبي صلى الله عليه وسلم ثم قدم على عمر ، فرده على ما كان عليه ، فبعث إليه بثلث صدقة الناس ، فأنكر ذلك عمر ، وقال : لم أبعثك جابيا ولا آخذ جزية ، ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس ، فترد على فقرائهم ، فقال معاذ : ما بعثت إليك بشيء وأنا أجد أحدا يأخذه مني . فلما كان العام الثاني بعث إليه بشطر الصدقة ، فتراجعا بمثل ذلك ، فلما كان العام الثالث بعث إليه بها كلها ، فراجعه عمر بمثل ما راجعه ، فقال معاذ : ما وجدت أحدا يأخذ مني شيئا . رواه أبو عبيد .
وقال مالك : لا يجوز نقل الزكاة ، إلا أن يقع بأهل بلد حاجة ، فينقلها الإمام إليهم ، على سبيل النظر والاجتهاد .
وقالت الحنابلة : لا يجوز نقل الصدقة من بلدها إلى مسافة القصر .
ويجب صرفها في موضع الوجوب أو قربه ، إلى ما دون مسافة القصر . قال أبو داود : سمعت أحمد ، سئل عن الزكاة يبعث بها من بلد إلى بلد ؟ قال : لا . قيل : وإن كان قرابته بها ؟ قال : لا . فإن استغنى عنها فقراء أهل بلدها جاز نقلها ، واستدلوا بحديث أبي عبيد المتقدم .قال ابن قدامة : فإن خالف ونقلها أجزأته ، في قول أكثر أهل العلم . فإن كان الرجل في بلد ، وماله في بلد آخر ، فالمعتبر ببلد المال ، لأنه سبب الوجوب ويمتد إليه نظر المستحقين . فإن كان بعضه حيث هو ، وبعضه في بلاد أخرى ، أدى زكاة كل مال ، حيث هو .
هذا في زكاة المال ، أما زكاة الفطر ، فإنها تفرق في البلد الذي وجبت عليه فيه ، سواء كان ماله فيه ، أم لم يكن لان الزكاة تتعلق بعينه - وهو سبب الوجوب - لا المال .

 الخطأ في مصرف الزكاة :
لو أخطأ المزكي ، وأعطى من تحرم عليه ، وترك من تحل له دون علمه ، ثم تبين له خطؤه ، فهل يجزئه ذلك ، وتسقط عنه الزكاة ، أم أن الزكاة لا تزال دينا في ذمته ، حتى يضعها موضعها ؟
اختلفت أنظار الفقهاء في هذه المسألة :
فقال أبو حنيفة ، ومحمد ، والحسن ، وأبو عبيدة : يجزئه ما دفعه ولا يطالب بدفع زكاة أخرى .

فعن معن بن يزيد قال : كان أبي أخرج دنانير ، يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد ، فجئت فأخذتها فأتيته بها ، فقال : والله ما إياك أردت . فخاصمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " لك ما نويت يا يزيد ، ولك ما أخذت يا معن " . رواه أحمد ، والبخاري .
والحديث ، وإن كان فيه احتمال كون الصدقة نفلا ، إلا أن لفظ : " ما " في قوله : " لك ما نويت " يفيد العموم . ولهم أيضا في الاحتجاج حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال : " قال رجل ( من بني إسرائيل ) : لأتصدقن الليلة بصدقة ، فخرج بصدقته ، فوضعها في يد سارق ( و هو لا يعلم ) فأصبحوا يتحدثون : تصدق الليلة على سارق فقال : اللهم لك الحمد ( حمد الله على تلك الحالة ) لا تصدقن بصدقة . فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية ، فأصبحوا يتحدثون : تصدق الليلة على زانية ، فقال : اللهم لك الحمد على زانية ، لأتصدقن بصدقة ، فخرج بصدقته ، فوضعها في يد غني . فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على غني فقال . اللهم لك الحمد على زانية ، وعلى سارق ، وعلى غني ، فأتي (رأى في منامه) فقيل له : أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته . وأما الزانية ، فلعلها أن تستعف به عن زناها . وأما الغني ، فلعله أن يعتبر ، فينفق مما آتاه الله عز و جل " . رواه أحمد ، والبخاري ، ومسلم .
ولان النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي سأله الصدقة : " إن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك " وأعطى الرجلين الجلدين ، وقال : " إن شئتما أعطيتكما منها ، ولاحظَّ فيها لغني ، ولا لقوي مكتسب " .

قال في المُغني ، ولو اعتبر حقيقة الغني ، لما اكتفى بقولهم .
وذهب مالك ، والشافعي ، وأبو يوسف ، والثوري ، وابن المنذر : إلى أنه لا يجزئه دفع الزكاة ، إلى من لا يستحقها ، إذا تبين له خطؤه وأن عليه أن يدفعها مرة أخرى إلى أهلها ، لأنه دفع الواجب إلى من لا يستحقه فلم يخرج من عهدته ، كديون الآدميين . ومذهب أحمد : إذا أعطى الزكاة من يظنه فقيرا ، فبان غنيا ، ففيه روايتان : رواية بالإجزاء ، ورواية بعدمه .
فأما إن بان الآخذ عبدا ، أو كافرا ، أو هاشميا ، أو ذا قرابة للمعطي ، ممن لا يجوز الدفع إليه لم يجزئه الدفع إليه ،
رواية واحدة ، لانه يتعذر معرفة الفقير من الغني دون غيره " يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف " .
اظهار الصدقة :
يجوز للمتصدق أن يظهر صدقته ، سواء أكانت الصدقة صدقة فرض ، أم نافلة ، دون أن يرائي بصدقته ، وإخفاؤها أفضل .
قال الله تعالى : "
إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم " البقرة 271. وعند أحمد ، والشيخين ، عن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : الإمام العادل ، وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجل قلبه معلق بالمساجد ، ورجلان تحابا في الله عز و جل ، اجتمعا عليه ، وتفرقا عليه ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها ، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه . ورجل دعته امرأة ذات منصب ، وجمال ، إلى نفسها ، فقال : إني أخاف الله عز وجل .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق