Wikipedia

نتائج البحث

الجمعة، 15 أكتوبر 2010

زكاة الزروع و الثمار





وجوبها :
أوجب الله تعالى زكاة الزروع والثمار فقال : ( يأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ) البقرة 267
والزكاة تسمى نفقة 
قال تعالى : ( وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أمثر وءاتوا حقه يوم حصاده الأنعام 141.
قال ابن عباس : حقه ، الزكاة المفروضة .و هي العشر ، ونصف العشر .






الأصناف التي كانت تؤخذ منها الزكاة على عهد الرسول :
الحنطة والشعير والتمر والزبيب .
عن أبي بردة عن أبي موسى ومعاذ رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثهما إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم ، فأمرهم ألا يأخذوا الصدقة إلا من هذه الاربعة : الحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب .رواه الدار قطني ، والحاكم ، والطبراني ، والبيهقي 
الحنطة :القمح



الأصناف التي لم تكن تؤخذ منها :
الخضروات ، و الفواكه إلا العنب والرطب .
عن عطاء بن السائب : ان عبد الله بن المغيرة أراد أن يأخذ صدقة من أرض موسى بن طلحة من الخضروات فقال له موسى بن طلحة : ليس لك ذلك ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( ليس في ذلك صدقة ) . رواه الدار قطني ، والحاكم ، والاثرم في سننه



رأي الفقهاء فى الأصناف التى يخرج منها زكاة الزروع :
لم يختلف أحد من العلماء في وجوب الزكاة في الزروع والثمار ، وإنما اختلفوا في الأصناف التي تجب فيها ، إلى عدة آراء نجملها فيما يلي : 
1 - رأي الحسن البصري والشعبي: أنه لا زكاة إلا في المنصوص عليه ، وهو الحنطة ، والشعير والذرة ، والتمر ، والزبيب . لان ما عداه لا نص فيه ، واعتبر الشوكاني هذا ، المذهب الحق .
2 - رأي أبي حنيفة : أن الزكاة واجبة في كل ما انبته الأرض ، لا فرق بين الخضروات وغيرها ، واشترط أن يقصد بزراعته استغلال الأرض ونماؤها عادة ، واستثنى الحطب ، والقصب الفارسي (البوص في اللغة العامية المصرية . ) والحشيش ، والشجر الذي لا ثمر له . واستدل لذلك بعموم قوله صلى الله عليه وسلم . ( فيما سقت السماء العشر ) وهذا عام يتناول جميع أفراده ، ولأنه يقصد بزراعته نماء الأرض فأشبه الحب .
3 - رأي أبي يوسف ومحمد : أن الزكاة واجبة في الخارج من الأرض ، بشرط أن يبقى سنة بلا علاج كثير ، سواء أكان مكيلا كالحبوب ، أو موزونا كالقطن والسكر . فإن كان لا يبقى سنة ، كالقثاء والخيار ، والبطيخ ، والشمام ونحوها من الخضروات والفواكه ، فلا زكاة فيه .
4 - مذهب مالك : أنه يشترط فيما يخرج من الأرض أن يكون مما يبقي وييبس ويستنبته بنو آدم ، سواء أكان مُقتاتا كالقمح والشعير ، أو غير مقتات ، كالقرطم والسمسم ، ولا زكاة عنده في الخضروات والفواكه ، كالتين ، والرمان والتفاح .
5 - وذهب الشافعي : إلى وجوب الزكاة فيما تخرجه الأرض . بشرط أن يكون مما يقتات ويدخر ، و يستنبته الآدميون ، كالقمح والشعير .
قال النووي : مذهبنا : أنه لا زكاة في غير النخل والعنب من الأشجار . ولا في شئ من الحبوب إلا فيما يقتات ويدخر ، ولا زكاة في الخضروات .
6-وذهب أحمد : إلى وجوب الزكاة في كل ما أخرجه الله من الأرض ، من الحبوب ، والثمار ، مما ييبس ، ويبقى ، ويكال و يستنبته الآدميون في أراضيهم ( 1 ) سواء أكان قوتا : كالحنطة ، أو من القطنيات ، أو من الاباريز ، كالكسبرة : والكراويا ، أو من البذور : كبذر الكتان ، أو حب البقول : كالقرطم والسمسم . وتجب عنده أيضا ، فيما جمع هذه الاوصاف من الثمار اليابسة كالتمر ، والزبيب ، والمشمش ، والتين واللوز والبندق والفستق . ولا زكاة عنده في سائر الفواكه كالخوخ ، والكمثرى والتفاح ، والمشمش والتين ، اللذين لا يُجفَّفان ولا في الخضروات كالقثاء ، والخيار ، والبطيخ ، والباذنجان واللفت والجزر .
( 1 ) وإن اشترى زرعا بعد بدو صلاحه أو ثمرة بدا صلاحها أو ملكها بجهة من جهات الملك لم تجب فيها الزكاة .(زكاة الزروع)
القطنيات : هي الحبوب سوى البر والشعير سميت بذلك لانها تقطن في البيوت أي تخزن وهي كالعدس ، والحمص ، والبسلة ، والجلبان ، والترمس واللوبيا ، والفول .



زكاة الزيتون :
قال النووي و الحسن بن صالح ، وابن أبي ليلى ، وأبو عبيد : الصحيح عندنا أنه لا زكاة في الزيتون 
وقال الزهري و الأوزاعي ، والليث ، ومالك ، والثوري ، وأبو حنيفة وأبو ثور : فيه زكاة .
قال الزهري ، والليث ، و الأوزاعي : يخرَّص (يُقدر بالتخمين ) فتؤخذ زكاته زيتا .
وقال مالك : لا يخرَّص ، بل يؤخذ العشر بعد عصره وبلوغه خمسة أوسق . 
أوسق جمع وسق و هو ستون صاعاً و الصاع مقداره أربع حفنات بكفي الرجل المعتدل الخلقة
الخمسة الاوسق تساوي ألفا وستمائة رطل عراقي (مكيال يقدر به الكمية )
والرطل العراقي 406.25 جرام



سبب الخلاف بين العلماء فى الأصناف التى يخرج منها الزكاة ومنشؤه :
قال ابن رشد : الخلاف بين من قصر الزكاة على الأصناف المُجمع عليها ، وبين من عدَّاها إلى المُدخر المُقتات ، هو اختلافهم في تعلق الزكاة بهذه الأصناف الأربعة ، هل هو لعينها (لهذه الأصناف المحددة لا لغيرها ) ، أو لعلة فيها (لسبب انها اصناف يمكن تخزينها بعد حصادها )، وهي الاقتيات ؟
فمن قال : لعينها ، قصر الوجوب عليها (لا يخرج زكاة من غيرها ) .
ومن قال : لعلة الاقتيات ، عدى الوجوب لجميع المقتات (قد تكون بلد تزرع نوع يمكن ان يُخزن و يقتات و ليس مزروع فى بلد آخر ).
وسبب الخلاف بين من قصر الوجوب على المقتات ، وبين من عدَّاه إلى جميع ما تخرجه الأرض - إلا ما وقع عليه الإجماع من الحشيش ، والحطب ، والقصب -معارضة القياس لعموم اللفظ :
أما اللفظ الذي يقتضي العموم ، فهو قوله عليه الصلاة والسلام : ( فيما سقت السماء العشر ، وفيما سقي بالنضح نصف العشر ) و ( ما ) بمعنى الذي ، و ( الذي ) من ألفاظ العموم .
وقوله تعالى : ( وهو الذي أنشأ جنات معروشات ) الآية إلى قوله : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) .
وأما القياس فهو أن الزكاة إنما المقصود بها سد الخلَّة (سد الحاجة و الفقر)، وذلك لا يكون غالبا إلا فيما هو قوت (اصناف تُدخر تكفى حاجة الفقير طوال الوقت بين الحصاد و الحصاد ) . 
فمن خصص العموم بهذا القياس ، أسقط الزكاة مما عدا المقتات .
ومن غلب العموم ، أوجبها فيما عدا ذلك ، إلا ما أخرجه الإجماع (الحشيش ، والحطب ، والقصب و الشجر الغير مثمر).
والذين اتفقوا على المقتات ، اختلفوا في أشياء ، من قبل اختلافهم فيها ، هل هي مقتاتة أم ليست بمقتاتة ، وهل يقاس على ما اتفق عليه أو ليس يقاس ؟
مثل اختلاف مالك ، والشافعي ، في الزيتون ، فإن مالكا ذهب إلى وجوب الزكاة فيه ومنع الشافعي ذلك في قوله الأخير بمصر . 
وسبب اختلافهم ، هل هو قوت ، أو ليس بقوت (يُدخر و يُخزن ام لا ).
===================
( وما سقي بالنضح ) أي ما سقي ببعير أو ثور ، أو غير ذلك من بئر أو نهر ، والنضح في الأصل مصدر بمعنى السقي ، 
والنواضح هي الإبل التي يستقى عليها ، والواحد ناضح .





نصاب زكاة الزروع والثمار :
(النصاب القدر الذى اذا بلغه يجب فيه اخراج الزكاة )
ذهب أكثر أهل العلم إلى أن الزكاة لا تجب في شئ من الزروع والثمار ، حتى تبلغ خمسة أوسق بعد تصفيتها من التبن والقشر ، فإن لم تُصفَّ ، بأن تُركت في قشرها (كالأرز إذا ترك في قشره) فيشترط أن تبلغ عشرة أوسق .
والوسق ، ستون صاعا بالإجماع و الصاع أربع حفنات بكفي الرجل المعتدل الخلقة ،
1 - فعن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ) . رواه أحمد ، البيهقي بسند جيد .
وذهب أبو حنيفة ومجاهد إلى وجوب الزكاة في القليل والكثير ، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( فيما سقت السماء العشر ) ، ولأنه لا يعتبر له حول (لا يرتبط بمرور عام هجرى كامل عليه مثل النقدين الذهب و الفضة )، فلا يعتبر له نصاب .
قال ابن القيم - مناقشا هذا الرأي - : قد وردت السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في تقدير نصاب المعشرات بخمسة أوسق ، بالمتشابه من قوله : ( فيما سقت السماء العشر وما سقي بنضح أو غرب فنصف العشر ) .
قالوا: وهذا يعم القليل والكثير وقد عارضه الخاص ، ودلالة العام قطعية كالخاص وإذا تعارضا قُدَّم الأحوط ، وهو الوجوب .
فيقال : يجب العمل بكلا الحديثين ، ولا يجوز معارضة أحدهما بالآخر ، وإلغاء أحدهما بالكلية ، فإن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فرض في هذا ، وفي هذا (الحديثين )، ولا تعارض بينهما بوجه من الوجوه فإن قوله صلى الله عليه و سلم ( فيما سقت السماء العشر )إنما أريد به التمييز ، بين ما يجب فيه العشر ، وما يجب فيه نصفه ، فذكر النوعين ، مفرقا بينهما في مقدار الواجب . (اى ان الزرع الذى سقيته السماء زكاته العشر من النصاب الذى بلغه محصوله )
وأما مقدار النصاب فسكت عنه في هذا الحديث ، وبينه نصاً في الحديث الآخر ، فكيف يجوز العدول عن النص الصحيح الصريح المحكم الذي لا يحتمل غير ما أول عليه ألبتة ، إلى المجمل المتشابه ، الذي غايته أن يتعلق فيه بعموم لم يقصدوا بيانه بالخاص المحكم المبين كبيان سائر العمومات بما يخصصها من النصوص ؟ انتهى كلام ابن القيم
والصاع = اربع حفنات بكفى الرجل المعتدل الخلقة = قدح وثلث . فيكون النصاب خمسين كيلة
قال ابن قدامة : فإن كان الخارج لا يكال مثل الزعفران والقطن ، وما ألحق بهما من الموزونات ،فنصابه ألف وستمائة رطل بالعراقي ( والرطل العراقي 406.25جرام) ، فيقوم وزنه مقامه . 
قال أبو يوسف : إن كان الخارج مما لا يكال ، لا تجب فيه الزكاة إلا إن بلغ قيمة نصاب من أدنى ما يكال . فلا تجب الزكاة في القطن إلا إذا بلغت قيمته خمسة أوسق ، من أقل ما يكال ، كالشعير ونحوه . لأنه لا يمكن اعتباره بنفسه ، فاعتبر بغيره ، كالعروض (عروض التجارة ) يُقَوَّم بأدنى النصابين من الاثمان . 
الخمسة الاوسق تساوي ألفا وستمائة رطل عراقي والرطل العراقي 130 درهما تقريبا . 
وقال محمد : يلزم أن يبلغ خمسة أمثال من أعلى ما يُقدَّر به نوعه ، ففي القطن لا تجب فيه الزكاة إن بلغ خمسة قناطير ، لان التقدير بالوسق فيما يوسق كان باعتبار أنه أعلى ما يُقدَّر به نوعه .



مقدار الواجب :
يختلف القدر الذي يجب إخراجه ، باختلاف السقي : فما سقي بدون استعمال آلة - بأن سقي بالراحة - ففيه عشر الخارج ، فإن سقي بآلة أو بماء مشترى ، ففيه نصف العشر .
1 -فعن معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( فيما سقت السماء والبعل ، والسيل العُشر ، وفيما سقي بالنضح نصف العُشر )رواه البيهقي ، والحاكم ، وصححه .
2 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :فيما سقت السماء والعيون ، أو كان عثريا العُشر ، وفيما سقي بالنضح نصف العٌشر ) رواه البخاري ، وغيره .
البعل و العثري : الذي يشرب بعرقه دون سقي .
و النضح : السقي من ماء بئر أو نهر بساقية .



فإن كان يسقى تارة بآلة ، وتارة بدونها ، فإن كان ذلك على جهة الاستواء ففيه ثلاثة أرباع العشر .
قال ابن قدامة : لا نعلم فيه خلافاً ، وإن كان أحدهما أكثر كان حكم الأقل تابعا للأكثر ، عند أبي حنيفة ، وأحمد ، والثوري ، وأحد قولي الشافعي . 
وتكاليف الزرع من حصاد وحمل و دياسة ، وتصفية ، وحفظ ، وغير ذلك من خالص مال المالك ، ولا يحسب منها شئ من مال الزكاة . 
ومذهب ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما أنه يحسب ما اقترضه من أجل زرعه وثمره .
عن جابر بن زيد : عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما - في الرجل يستقرض فينفق على ثمرته وعلى أهله - قال : قال ابن عمر : يبدأ بما استقرض فيقضيه ويزكي ما بقي .
قال جابر : وقال ابن عباس رضي الله عنهما : يقضي ما أنفق على الثمرة ، ثم يزكي ما بقي رواه يحيى بن آدم في الخراج .
وذكر ابن حزم عن عطاء : أنه يسقط مما أصاب النفقة فإن بقي مقدار ما فيه الزكاة زكي ، وإلا فلا .
اتفق ابن عباس وابن عمر على قضاء ما أنفق على الثمرة وزكاة الباقي واختلفا في قضاء ما أنفق على أهله .



الزكاة في الأرض الخراجية :
تنقسم الأرض إلى :
1 - عُشرية وهي الأرض التي أسلم أهلها عليها طوعاً ، أو فتحت عنوة وقسمت بين الفاتحين ، أو التي أحياها المسلمون .
عُشرية : أي التي تجب فيها زكاة العُشر .
2 – و خراجية ، وهي الأرض التي فتحت عنوة ، وتركت في أيدي أهلها ، نظير خراج معلوم .
والزكاة كما تجب في أرض العشر ، تجب كذلك في أرض الخراج ، إذا أسلم أهلها ، أو اشتراها المسلم ، فيجتمع فيها العشر والخراج ، ولا يمنع أحدهما وجوب الآخر .
قال ابن المنذر : وهو قول أكثر العلماء . وممن قال به ، عمر بن عبد العزيز ، وربيعة ، والزهري ، ويحيى الأنصاري ومالك ، و الأوزاعي ، والثوري ، والحسن بن صالح ، وابن أبي ليلى ، والليث ، وابن المبارك ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو عبيد ، وداود ، واستدلوا على ذلك بالكتاب والسنة ، والمعقول - أي القياس - .
أما الكتاب فقول الله تعالى : ( يأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ) 
فأوجب الإنفاق من الأرض مطلقا ، سواء كانت الأرض خراجية ، أو عشرية .
وأما السنة فقوله عليه الصلاة والسلام : ( فيما سقت السماء العشر ) وهو عام يتناول العشرية و الخراجية . وأما المعقول ، فلأن الزكاة والخراج حقان بسببين مختلفين لمستحقين فلم يمنع أحدهما الآخر ، كما لو قتل المحرم صيدا مملوكا (يكون عليه كفارة الصيد و هو محرم و ثمن الصيد لصاحبه). ولان العشر وجب بالنص ، فلا يمنعه الخراج الواجب بالاجتهاد .
وذهب أبو حنيفة :إلى أنه لا عُشر في الأرض الخراجية ، وإنما الواجب فيها الخراج فقط كما كانت ، وإن من شروط وجوب العشر أن لا تكون الأرض خراجية .



زكاة الخارج من الأرض المؤجرة :
يرى جمهور العلماء أن من استأجر أرضاً فزرعها فالزكاة عليه ، دون مالك الأرض .
وقال أبو حنيفة : الزكاة على صاحب الأرض . 
قال ابن رشد : والسبب في اختلافهم ، هل العشر حق الأرض أو حق الزرع ؟
فلما كان عندهم أنه حق لأحد الأمرين ، اختلفوا في أيهما أولى أن ينسب إلى موضع الأنفاق . وهو كون الزرع والأرض لمالك واحد .
فذهب الجمهور : إلى أنه ما تجب فيه الزكاة ، وهو الحب (الزرع الخارج من الأرض )
وذهب أبو حنيفة : إلى أنه ما هو أصل الوجوب ، وهو الأرض .
ورجح ابن قدامة رأي الجمهور فقال : ( إنه واجب في الزرع ، فكان على مالكه ، كزكاة القيمة ، فيما إذا أعده للتجارة ، وكعشر زرعه في ملكه ، ولا يصح قولهم : إنه من مؤنة الأرض لأنه لو كان من مؤنتها ، لوجب فيها ، وإن لم تزرع ، كالخراج ، ولوجب على الذمي ، كالخراج ، ولتقدر بقدر الأرض لا بقدر الزرع ، ولوجب صرفه إلى مصارف الفيء ، دون مصرف الزكاة .



تقدير النصاب في النخيل والأعناب بالخرص (الحزر والتخمين دون الكيل :
إذا أزهى النخيل والأعناب ، وبدا صلاحها ، اعتبر تقدير النصاب فيها بالخرص دون الكيل ، وذلك بأن يحصي الخارص الأمين العارف ، ما على النخيل ، والأعناب ، من العنب والرطب ، ثم يقدره تمرا وزبيبا ، ليعرف مقدار الزكاة فيه ، فإذا جفت الثمار أخذ الزكاة التي سبق تقديرها منها . فعن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال : غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك ، فلما جاء وادي القرى ، إذا امرأة في حديقة لها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اخرصوا ، و خرص رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أوسق ، فقال لها : أحصي ما يخرج منها ) رواه البخاري .
هذه سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعمل أصحابه من بعده وإليه ذهب أكثر أهل العلم. 
وخالف في ذلك الأحناف : لأن الخرص ظن وتخمين ، لا يلزم به حكم .
وسُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى ، فإن الخرص ليس من الظن في شئ ، بل هو اجتهاد في معرفة قدر الثمر ، كالاجتهاد في تقويم المتلفات .
يرى مالك أن الخرص واجب .
وعند الشافعي وأحمد أنه سُنة .
وسبب الخرص ، أن العادة جرت بأكل الثمار رطبا ، فكان من الضروري إحصاء الزكاة قبل أن تؤكل و تُصرم (تُقطع ) ومن أجل أن يتصرف أربابها بما شاءوا ، ويضمنوا قدر الزكاة .
وعلى الخارص ، أن يترك في الخرص الثلث ، أو الربع ، توسعة على أرباب الأموال ، لأنهم يحتاجون إلى الأكل منه ، هم و أضيافهم وجيرانهم . وتنتاب الثمرة النوائب من أكل الطير والمارة وما تسقطه الريح ، فلو أحصي الزكاة من الثمر كله ، دون استثناء الثلث ، أو الربع ، لأضر بهم 
فعن سهل بن أبي حثمة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث ، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع) رواه أحمد ، وأصحاب السنن ، إلا ابن ماجه . ورواه الحاكم ، وابن حبان وصححاه .
قال الترمذي : والعمل على حديث سهل ، عند أكثر أهل العلم .
ترك الثلث أو الربع يرجع إلى كثرة الأكلة وقلتهم فالثلث إذا كثروا ، والربع إذا قلوا إي أن إذا قدر الخارص أن الزرع يأكل منه طير كثير أو مارة كثيرون أو يتلف فيترك منه الثلث لا يحسب 
وعن بشير بن يسار قال : بعث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبا حثمة الأنصاري على خرص أموال المسلمين ، فقال : إذا وجدت القوم في نخلهم قد خرفوا فدع لهم ما يأكلون ، لا تخرصه عليهم .
خرفوا: أي أقاموا في نخلهم وقت الخريف
وعن مكحول قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث الخراص قال : ( خففوا على الناس ، فإن في المال العريَّة والواطئة والآكلة ) رواه أبو عبيد .
العريَّة :النخلة يعريها صاحبها رجلا محتاجا فيجعل له ثمرها عامها فيعروها أي يأتيها فهي فعيلة بمعنى مفعولة 
الواطئة ( السابلة – أصحاب السبيل ) سمُّوا بذلك ، لوطئهم بلاد الثمار مجتازين (مارين في طريقهم ) .
والأكلة : أرباب (أصحاب ) الثمار ، وأهلوهم ، ومن لصق بهم .



الأكل من الزرع :
يجوز لصاحب الزرع أن يأكل من زرعه ، ولا يحسب عليه ما أكل منه قبل الحصاد ، لان العادة جارية به ، وما يؤكل شئ يسير . وهو يشبه ما يأكله أرباب الثمار من ثمارهم فإذا حصد الزرع ، وصفى الحب ، أخرج زكاة الموجود .
سئل أحمد عما يأكل أرباب الزروع من الفريك ؟ قال : لا بأس أن يأكل منه صاحبه ما يحتاج إليه .
وكذلك قال الشافعي ، والليث ، وابن حزم. 
قال مالك وأبو حنيفة : يحسب على الرجل ما أكل من زرعه قبل الحصاد من النصاب . 
ضم الزروع والثمار:
اتفق العلماء على أنه يضم أنواع الثمر بعضه إلى بعض ، وإن اختلف في الجودة ، والرداءة واللون ، وكذا يضم أنواع الزبيب بعضها إلى بعض وأنواع الحنطة ، بعضها إلى بعض ، وكذا أنواع سائر الحبوب 
و إن ضُم الجيد إلى الردئ أخذت الزكاة بحسب قدر كل واحد منهما ، فإن كان الثمر أصنافا أخذ من وسطه . 
واتفقوا أيضا على أن عروض التجارة تضم إلى الأثمان وتضم الأثمان إليها .
إلا أن الشافعي لا يضمها إلا إلى جنس ما اشتريت به ، لان نصابها معتبر به .
واتفقوا على أنه لا يضم جنس إلى جنس آخر ، في تكميل النصاب ، في غير الحبوب والثمار .
فالماشية لا يضم جنس منها إلى جنس آخر .
فلا يضم الإبل إلى البقر في تكميل النصاب ،
والثمار لا يضم جنس إلى غيره ، فلا يضم التمر إلى الزبيب . 
واختلفوا في ضم الحبوب المختلفة ، بعضها إلى بعض . وأولى الآراء وأحقها :
وهذا مذهب أبي حنيفة ، والشافعي ، وإحدى الروايات عن أحمد ، وإليه ذهب كثير من علماء السلف
أنه لا يضم شئ منها في حساب النصاب ، ويعتبر النصاب في كل جنس منها قائما بنفسه ، لأنها أجناس مختلفة ، وأصناف كثيرة ، بحسب أسمائها فلا يضم الشعير إلى الحنطة ، ولا هي إليه ، ولا التمر إلى الزبيب ، ولا هو إليه ، ولا الحمص إلى العدس ..
قال ابن المنذر : وأجمعوا على أنه لا تضم الإبل إلى البقر ، ولا إلى الغنم ، ولا البقر إلى الغنم ، ولا التمر إلى الزبيب ، فكذا لا ضم في غيرها ، وليس للقائلين بضم الأجناس دليل صحيح صريح فيما قالوه .



متى تجب الزكاة في الزروع والثمار :
مذهب الجمهور:
إذا اشتد الحب وصار فريكا .
وتجب في الثمار إذا بدا صلاحها ، ويعرف ذلك باحمرار البلح ، وجريان الحلاوة في العنب 
وعند أبي حنيفة ينعقد سبب الوجوب بخروج الزروع وظهور الثمر ..
ولا تخرج الزكاة إلا بعد تصفية الحب وجفاف الثمر . وإذا باع الزارع زرعه بعد اشتداد الحب ، وبدو صلاح الثمر فزكاة زرعه وثمره عليه ، دون المشتري ، لأن سبب الوجوب العقد ، وهو في ملكه .
إخراج الطيب في الزكاة :
أمر الله سبحانه المزكي بإخراج الطيب من ماله ، ونهاه عن التصدق بالردئ ، فقال : ( يأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا (أي تقصدوا ) الخبيث (الردئ ) منه تنفقون ولستمبآخذيه إلا أن تغمضوا فيه (تتغاضوا في أخذه ) واعملوا أن الله غني حميد ) البقرة 267.
عن سهل بن حنيف ، عن أبيه قال : ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لونين من التمر : الجعرور ولون الحبيق (نوعان رديئان من التمر ) . وكان الناس يتيممون شرار ثمارهم فيخرجونها في الصدقة . فنهوا عن ذلك ، ونزلت : ( ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ) . رواه أبو داود والنسائي 
زكاة العسل :
ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا زكاة في العسل .
قال البخاري : ليس في زكاة العسل شئ يصح
عن النبي صلى الله عليه وسلم 
وقال الشافعي : واختياري ألا يؤخذ منه ، لان السنن والآثار ثابتة فيما يؤخذ منه زكاة ، وليست ثابتة في العسل ، فكان عفوا ( عفو من الله لصاحب العسل ان يخرج زكاته ) .
وقال ابن المنذر : ليس في وجوب الصدقة في العسل خبر يثبت ، ولا إجماع ، فلا زكاة فيه ، وهو قول الجمهور .
وذهب الحنفية ، وأحمد : إلى أن في العسل زكاة ، لأنه وإن لم يصح في إيجابه حديث ، إلا أنه جاء فيه آثار يقوي بعضها بعضا ، ولأنه يتولد من نوْر الشجر ، والزهر ، ويكال ويدخر ، فوجبت فيه الزكاة ، كالحب والتمر ، ولان الكلفة فيه دون الكلفة في الزروع والثمار .
واشترط أبو حنيفة في إيجاب الزكاة في العسل ، أن يكون في أرض عشرية ولم يشترط نصابا له ، فيؤخذ العشر من قليله و كثيره .
وعكس الإمام أحمد ، فاشترط أن يبلغ نصابا ، وهو عشرة أفراق ، والفرق ستة عشر رطلا عراقيا (130 درهما ) . وسوى بين وجوده في الأرض الخراجية ، أو العشرية .
وقال أبو يوسف : نصابه عشرة أرطال .
وقال محمد : بل هو خمسة أفراق . والفرق ، ستة وثلاثون رطلا (رطل عراقي ).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق