Wikipedia

نتائج البحث

السبت، 16 أكتوبر 2010

مصارف الزكاة



مصارف الزكاة ثمانية أصناف ، حصرها الله في قوله : " إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم " .التوبة 60
وعن زياد بن الحارث الصدائي قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته ، فأتى رجل فقال : أعطني من الصدقة فقال : " إن الله لم يرض بحكم نبي ، ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو ، فجزأها ثمانية أجزاء . فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك " رواه أبو داود .
للفقراء :اللام للملك ، أو الاستحقاق ، أو بتقدير مفروضة ، كما يدل عليه آخر الآية وهو " فريضة من الله " .

الأصناف الثمانية المذكورة في الآية : 
( 1 و 2 ) - الفقراء والمساكين :
وهم المحتاجون الذين لا يجدون كفايتهم ، ويقابلهم الأغنياء المكفيون ما يحتاجون إليه .
وتقدم أن القدر الذي يصير به الإنسان غنيا ، هو قدر النصاب الزائد عن الحاجة الأصلية ، له و لأولاده ، من أكل وشرب ، وملبس ، ومسكن ، ودابة ، وآلة حرفة ، ونحو ذلك ، مما لا غنى عنه . فكل من عدم هذا القدر ، فهو فقير ، يستحق الزكاة .
ففي حديث معاذ : ( تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم ) . 
فالذي تؤخذ منه ، هو الغني المالك للنصاب . والذي ترد إليه هو المقابل له وهو الفقير الذي لا يملك القدر الذي يملكه الغني .
وليس هناك فرق بين الفقراء ، وبين والمساكين ، من حيث الحاجة والفاقة ومن حيث استحقاقهم الزكاة ، والجمع بين الفقراء والمساكين في الآية ، مع العطف المقتضي للتغاير ، لا يناقض ما قلناه ، فإن المساكين - وهم قسم من الفقراء - لهم وصف خاص بهم ، وهذا كاف في المغايرة . فقد جاء في الحديث ، ما يدل على أن المساكين هم الفقراء الذين يتعففون عن السؤال ، ولا يتفطن لهم الناس فذكرتهم الآية ، لأنه ربما لا يفطن إليهم ، لتجملهم .
فعن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان ، ولا اللقمة واللقمتان ، إنما المسكين الذي يتعفف ، اقرءوا إن شئتم : " لا يسألون الناس إلحافا " وفي لفظ : " ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان ، والتمرة والتمرتان ، ولكن المسكين الذي لا يجد غني يغنيه ، ولا يفطن له ، فيصدق عليه ، ولا يقوم فيسأل الناس " . رواه البخاري ، ومسلم .
مقدار ما يعطى الفقير من الزكاة :
من مقاصد الزكاة كفاية الفقير وسد حاجته ، فيعطى من الصدقة ، القدر الذي يُخرجه من الفقر إلى الغني ، ومن الحاجة إلى الكفاية ، على الدوام ، وذلك يختلف باختلاف الأحوال و الأشخاص .
قال عمر رضي الله عنه : إذا أعطيتم فأغنوا . يعني في الصدقة .
وقال القاضي عبد الوهاب : لم يحد مالك لذلك حدا ، فإنه قال : يعطي من له المسكن ، والخادم ، والدابة الذي لا غنى له عنه . وقد جاء في الحديث ما يدل على أن المسألة تحل للفقير حتى يأخذ ما يقوم بعيشه ، ويستغني به مدى الحياة .
فعن قبيصة بن مخارق الهلالي قال : تحملت حمالة (ديناً لإصلاح ذات البين) فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها ، فقال : " أقم حتى تأتينا الصدقة ، فنأمر لك بها " ، ثم قال : " يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة : رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله ، فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش " أو قال : سداداً من عيش ، ورجل أصابته فاقة (الفقر والحاجة) حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا ( العقل ) من قومه : لقد أصابت فلانا فاقة ، فحلت له المسألة ، حتى يصيب قواما من عيش " أو قال سدادا من عيش ، " فما سواهن من المسألة - يا قبيصة - فسحتٌ ، يأكلها صاحبها سحتاً (حراماً ) " . رواه أحمد ، ومسلم ، وأبو داود ، والنسائي


الجائحة : أي ما أتلف المال كالحريق .
سدادا : أي ما تقوم به حاجته ويستغنى به

هل يُعطى القوي المكتسب من الزكاة ؟ 
القوي المكتسب لا يعطى من الزكاة مثل الغني .
1 - فعن عبيد الله بن عدي الخيار ، قال : أخبرني رجلان أنهما أتيا النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهو يقسم الصدقة فسألاه منها ، فرفع فينا البصر وخفضه فرآنا جلدين (قويين ) فقال : " إن شئتما أعطيتكما ، ولاحظَّ فيها لغنيٍّ ، ولا لقويٍّ مكتسب (يكتسب قدر كفايته ) " .رواه أبو داود ، والنسائي .
قال الخطابي : هذا الحديث أصل ، في أن من لم يعلم له مال فأمره محمول على العدم . وفيه دليل على : أنه لم يعتبر في أمر الزكاة ظاهر القوة والجلد ، دون أن يضم إليه الكسب ، فقد يكون من الناس من يرجع إلى قوة بدنه ، ويكون مع ذلك أخرق اليد لا يعتمل ، فمن كان هذا سبيله لم يمنع من الصدقة ، بدلالة الحديث .
2 - وعن ريحان بن يزيد ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مِرة سويٍ " . رواه أبو داود والترمذي ، وصححه .


المِرة شدة أسر الخلق ، وصحة البدن التي يكون معها احتمال الكد والتعب .
سوي : سليم الأعضاء .
وهذا مذهب الشافعي ، وإسحق ، وأبي عبيد ، وأحمد .

وقال الأحناف : يجوز للقوي أن يأخذ الصدقة إذا لم يملك مائتي ( أقصى النصاب ) درهم فصاعدا .
قال النووي : سئل الغزالي عن القوي من أهل البيوتات الذين لم تجر عادتهم بالتكسب بالبدن ، هل له أخذ الزكاة من سهم الفقراء ؟ قال : نعم . وهذا صحيح جار على أن المعتبر حرفة تليق به .
المالك الذي لا يجد ما يفي بكفايته هل يأخذ من الزكاة ؟
من ملك نصابا ، من أي نوع من أنواع المال - وهو لا يقوم بكفايته ، لكثرة عياله ، أو لغلاء السعر - فهو غني ، من حيث إنه يملك نصابا ، فتجب الزكاة في ماله ، وفقير من حيث إن ما يملكه لا يقوم بكفايته فيعطى من الزكاة كالفقير .
قال النووي : ومن كان له عقار ، ينقص دخله عن كفايته ، فهو فقير ، يعطي من الزكاة تمام كفايته ، ولا يكلف بيعه .
وفي المُغني قال الميمون : ذاكرت أبا عبد الله - أحمد بن حنبل - فقلت : قد يكون للرجل الإبل والغنم ، تجب فيها الزكاة وهو فقير ، وتكون له أربعون شاة ، وتكون له الضيعة لا تكفيه ، فيعطى الصدقة ؟ قال : نعم ، وذلك ، لأنه لا يملك ما يغنيه ، ولا يقدر على كسب ما يكفيه ، فجاز له الأخذ من الزكاة ، كما لو كان ما يملك ، لا تجب فيه الزكاة .

 3 ) العاملون على الزكاة :
وهم الذين يوليهم الإمام أو نائبه ، العمل على جمعها ، من الأغنياء ، وهم الجباة ، ويدخل فيهم الحفظة لها ، والرعاة للأنعام منها ، والكتبة لديوانها .
ويجب أن يكونوا من المسلمين ،
وأن لا يكونوا ممن تحرم عليهم الصدقة ، من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم : بنو عبد المطلب .
فعن المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب : أنه ، والفضل بن العباس انطلقا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ثم تكلم أحدنا ، فقال : يا رسول الله ، جئناك لتؤمرنا على هذه الصدقات ، فنصيب ما يصيب الناس من المنفعة ، ونؤدي إليك ما يؤدي الناس ، فقال : " إن الصدقة لا تنبغي لمحمد ، ولا لآل محمد ، إنما هي أوساخ الناس " رواه أحمد ، ومسلم . وفي لفظ : " لا تحل لمحمد ، ولا لآل محمد " .
ويجوز أن يكونوا من الأغنياء . وأن أخذهم من الزكاة ، إنما هو أجر نظير أعمالهم .
عن أبي سعيد : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تحل الصدقة لغني ، إلا لخمسة : لعامل عليها ، أو رجل اشتراها بماله ، أو غارم ، أو غاز في سبيل الله ، أو مسكين ، تصدق عليه منها فأهدى منها لغني " رواه أحمد ، وأبو داود ، وابن ماجه ، والحاكم ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ،
وينبغي أن تكون الأجرة بقدر الكفاية .
فعن المستورد بن شداد : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من وَلِيَ للناس عملا وليس له منزل فليتخذ منزلا ، أو ليست له زوجة فليتزوج ، أو ليس له خادم فليتخذ خادما ، أو ليست له دابة فليتخذ دابة ، ومن أصاب شيئا سوى ذلك فهو غال " رواه أحمد ، وأبو داود ، وسنده صالح .
قال الخطابي : هذا يتأول على وجهين : 
أحدهما : أنه إنما أباح اكتساب الخادم والمسكن ، من عمالته ، التي هي أجر مثله وليس له أن يرتفق بشئ سواها .
والوجه الثاني : أن للعامل السكنى والخدمة ، فإن لم يكن له مسكن ، ولا خادم استؤجر له من يخدمه ، فيكفيه مهنة مثله ، ويكترى ( يستأجر ) له مسكن يسكنه ، مدة مقامه في عمله .

4 ) والمؤلفة قلوبهم : 
وهم الجماعة الذين يراد تأليف قلوبهم وجمعها على الإسلام أو تثبيتها عليه ، لضعف إسلامهم ، أو كف شرهم عن المسلمين ، أو جلب نفعهم في الدفاع عنهم .
وقد قسمهم الفقهاء إلى مسلمين وكفار .
أما المسلمون فهم أربعة :
1 - قوم من سادات المسلمين وزعمائهم ، لهم نظراء من الكفار ، إذا أعطوا رجي إسلام نظرائهم ، كما أعطى أبو بكر رضي الله عنه عدي بن حاتم ، والزبرَّقان بن بدر ، مع حسن إسلامهما ، لمكانتهما في قومهما .
2 - زعماء ضعفاء الإيمان من المسلمين ، مطاعون في أقوامهم يرجى بإعطائهم تثبيتهم ، وقوة إيمانهم ، و مناصحتهم في الجهاد وغيره ، كالذين أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم العطايا الوافرة من غنائم هوازن . وهم بعض الطلقاء من أهل مكة ، الذين أسلموا ، فكان منهم المنافق ، ومنهم ضعيف الإيمان ، وقد ثبت أكثرهم بعد ذلك ، وحسن إسلامه .
3 - قوم من المسلمين في الثغور ، وحدود بلاد الأعداء يعطون ، لما يرجى من دفاعهم ، عما وراءهم من المسلمين إذا هاجمهم العدو .
4 - قوم من المسلمين يحتاج إليهم لجباية الزكاة ، وأخذها ممن لا يعطيها إلا بنفوذهم وتأثيرهم - إلا أن يقاتلوا ، فيختار بتأليفهم وقيامهم بهذه المساعدة للحكومة أخف الضررين ، أرجح المصلحتين .
وأما الكفار فهم قسمان :
1 - من يرجى إيمانه بتأليفه ، مثل صفوان بن أمية ، الذي وهب له النبي صلى الله عليه وسلم الأمان يوم فتح مكة ، وأمهله أربعة أشهر لينظر في أمره ويختار لنفسه ، وكان غائبا ، فحضر وشهد مع المسلمين غزوة حنين قبل إسلامه . وكان النبي صلى الله عليه وسلم استعار سلاحه منه لما خرج إلى حنين ، وقد أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم إبلا كثيرة محملة ، كانت في واد فقال : هذا عطاء من لا يخشى الفقر . وقال : والله لقد أعطاني النبي صلى الله عليه وسلم وإنه لأبغض الناس إلي ، فما زال يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي .
2 - من يخشى شره ، فيرجى بإعطائه كف شره .
قال ابن عباس : إن قوما كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن أعطاهم ، مدحوا الإسلام ، وقالوا : هذا دين حسن ، وإن منعهم ، ذموا ، وعابوا . وكان من هؤلاء أبو سفيان بن حرب ، و الأقرع بن حابس ، وعيينة ابن حصن ، وقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم كل واحد من هؤلاء ، مائة من الإبل .
وذهبت الأحناف : إلى أن سهم المؤلفة قلوبهم قد سقط بإعزاز الله لدينه ، فقد جاء عيينة بن حصن ، و الأقرع بن حابس ، وعباس بن مرداس ، وطلبوا من أبي بكر نصيبهم ، فكتب لهم به ، وجاءوا إلى عمر ، وأعطوه الخط ، فأبى ومزقه ، وقال : هذا شئ كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيكموه ، تأليفا لكم على الإسلام ، و الآن قد أعز الله الإسلام ، وأغنى عنكم ، فإن ثبتم على الإسلام ، وإلا فبيننا وبينكم السيف ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) فرجعوا إلى أبي بكر رضي الله عنه ، فقالوا : الخليفة أنت أم عمر ؟ بذلت لنا الخط فمزقه عمر ، فقال : هو إن شاء . قالوا : إن أبا بكر وافق عمر ، ولم ينكر أحد من الصحابة كما أنه لم ينقل عن عثمان وعلي أنهما أعطيا أحدا من هذا الصنف . ويجاب عن هذا : بأن هذا اجتهاد من عمر ، وأنه رأى أنه ليس من المصلحة إعطاء هؤلاء ، بعد أن ثبت الإسلام في أقوامهم ، وأنه لا ضرر يخشى من ارتدادهم عن الإسلام .
وكون عثمان وعلي لم يعطيا أحدا من هذا الصنف ، لا يدل على ما ذهبوا إليه ، من سقوط سهم المؤلفة قلوبهم ، فقد يكون ذلك لعدم وجود الحاجة إلى أحد من الكفار ، وهذا لا ينافي ثبوته ، لمن احتاج إليه من الأئمة ، على أن العمدة في الاستدلال هو الكتاب والسنة فهما المرجع الذي لا يجوز العدول عنه بحال .
قال الشوكاني : وقد ذهب إلى جواز التأليف العترة و الجبائي ، و البلخي ، وابن مبشر و مالك ، وأحمد ، ورواية عن الشافعي .
وقال الشافعي : لا تتألف كافرا ، فأما الفاسق فيعطى من سهم التأليف . وقال أبو حنيفة وأصحابه : قد سقط بانتشار الإسلام وغلبته ، واستدلوا على ذلك ، بامتناع أبي بكر من إعطاء أبي سفيان ، وعيينة ، و الأقرع ، وعباس ابن مرداس . والظاهر جواز التأليف عند الحاجة إليه . فإذا كان في زمن الإمام قوم لا يطيعونه إلا للدنيا ، ولا يقدر على إدخالهم تحت طاعته إلا بالقسر ( القهر ) و الغلب فله أن يتألفهم ، ولا يكون لِفُشوَّ الإسلام تأثير ، لأنه لم ينفع في خصوص هذه الواقعة .

 5 ) وفي الرقاب :
ويشمل المكاتبين (العبد الذى يُكاتب على نفسه بثمنه فإذا سعى و أداه عتق)، و الأرقاء فيعان المكاتبون بمال الصدقة لفك رقابهم من الرق ، ويشترى به العبيد ويعتقون . 
فعن البراء قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ، دلني على عمل يقربني من الجنة ، ويبعدني من النار ، فقال : " أعتق النَّسمة وفك الرقبة " فقال : يا رسول الله ، أو ليسا واحداً ؟ قال : " لا ، عتق الرقبة ، أن تنفرد بعتقها ، وفك الرقبة أن تعين بثمنها " رواه أحمد ، والدار قطني ورجاله ثقات .
وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاثة كلهم حق على الله عونه : الغازي في سبيل الله ، والمكاتب الذي يريد الأداء ، والناكح المتعفف (يريد العفاف بالزواج) " رواه وأحمد ، وأصحاب السنن ، وقال الترمذي : حسن صحيح .
قال الشوكاني : " قد اختلف العلماء في المراد بقوله تعالى : " وفي الرقاب " فروي عن علي بن أبي طالب ، وسعيد بن جبير ، والليث ، والثوري ، والعترة ، والحنفية ، والشافعية ، وأكثر أهل العلم : أن المراد به المكاتبون ،يعانون من الزكاة على الكتابة .
وروي عن ابن عباس ، والحسن البصري ، ومالك ، وأحمد بن حنبل ، وأبي ثور ، وأبي عبيد - وإليه مال البخاري ، وابن المنذر - : أن المراد بذلك أنها تشترى رقاب لتعتق . واحتجوا بأنها لو اختصت بالمكاتب لدخل في حكم الغارمين ، لأنه غارم ، وبأن شراء الرقبة لتعتق أولى من إعانة المكاتب ، لأنه قد يعان ولا يعتق ، لان المكاتب عبد ، ما بقي عليه درهم ، ولان الشراء يتيسر في كل وقت ، بخلاف الكتابة .
وقال الزهري : إنه يجمع بين الأمرين ، وإليه أشار المصنف (مؤلف كتاب منتقى الأخبار ) وهو الظاهر ، لان الآية تحتمل الأمرين . وحديث البراء المذكور ، فيه دليل على أن فك الرقاب غير عتقها ، وعلى أن العتق ، وإعانة المكاتبين على مال الكتاب ، من الأعمال المقربة إلى الجنة والمبعدة من النار .

 6 ) والغارمون :
وهم الذين تحملوا الديون ، وتعذر عليهم أداؤها ، وهم أقسام :
فمنهم من تحمل حمالة (تكلف بحمل )،
أو ضمن دينا فلزمه ، فأجحف بماله (
ذهب عنه )
أو استدان لحاجته إلى الاستدانة ،
أو في معصية تاب منها ،
فهؤلاء جميعا يأخذون من الصدقة ما بقي بديونهم . 
1 - عن أنس رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تحل المسألة إلا لثلاث ، لذي فقر مدقع أو لذي غرم مفظع ، أو لذي دم موجع " رواه أحمد ، وأبو داود ، وابن ماجه ، والترمذي ، وحسنه 
" مدقع " أي شديد ، أي ملصق صاحبه بالدقعاء ، وهي الأرض التي لا نبات فيها .
غرم : أي ما يلزم أداؤه تكلفا ، لا في مقابلة عوض .
مفظع : شديد : شنيع ، مجاوز للحد . 
لذي دم موجع :هو الذي يتحمل دية عن قريبه ، أو صديقه القاتل ، يدفعها إلى أولياء المقتول ، وإن لم يدفعها قتل قريبه ، أو صديقه القاتل ، الذي يتوجع لقتله وإراقة دمه
2 - وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : أصيب رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها ( اشتراها ) ، فكثر دينه ، فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم : " تصدقوا عليه " ، فتصدق الناس عليه ، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لغرمائه . " خذوا ما وجدتم ، وليس لكم إلا ذلك " أي ليس لكم الآن إلا الموجود وليس لكم حبسه ما دام معسرا فليس فيه إبطال حق الغرماء فيما بقي
3 - وتقدم حديث قبيصة بن مخارق قال : تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها ، فقال : " أقم حتى تأتينا الصدقة فتأمر لك بها " الحديث . قال العلماء : والحمالة ، ما يتحمله الإنسان ، و يلتزمه في ذمته بالاستدانة ، ليدفعه في إصلاح ذات البين ، وقد كانت العرب إذا وقعت بينهم فتنة ، اقتضت غرامة في دية ، أو غيرها : قام أحدهما فتبرع بالتزام ذلك والقيام به ، حتى ترتفع تلك الفتنة الثائرة ، ولا شك أن هذا من مكارم الأخلاق . وكانوا إذا علموا أن أحدهم تحمل حمالة بادروا إلى معونته ، وأعطوه ما تبرأ به ذمته ، وإذا سأل في ذلك لم يعد نقصا في قدره ، بل فخرا . ولا يشترط في أخذ الزكاة فيها ، أن يكون عاجزا عن الوفاء بها ، بل له الأخذ ، وإن كان في ماله الوفاء .

7 ) وفي سبيل الله :
سبيل الله ، الطريق الموصل إلى مرضاته من العلم ، والعمل .
وجمهور العلماء ، على أن المراد به هنا الغزو ، وأن سهم ( سبيل الله ) يعطى للمتطوعين من الغزاة ، الذين ليس لهم مرتب من الدولة . فهؤلاء لهم سهم من الزكاة ، يعطونه ، سواء كانوا من الأغنياء أم الفقراء .
عن أبي سعيد : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تحل الصدقة لغني ، إلا لخمسة : لعامل عليها ، أو رجل اشتراها بماله ، أو غارم ، أو غاز في سبيل الله ، أو مسكين ، تصدق عليه منها فأهدى منها لغني " رواه أحمد ، وأبو داود ، وابن ماجه ، والحاكم ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ،
والحج ليس من سبيل الله . التي تصرف فيها الزكاة ، لأنه مفروض على المستطيع ، دون غيره . 
وفي تفسير المنار : " يجوز الصرف من هذا السهم على تأمين طرق الحج ، وتوفير الماء ، والغذاء وأسباب الصحة للحجاج ، إن لم يوجد لذلك مصرف آخر ."
وفيه : " وفي سبيل الله " وهو يشتمل سائر المصالح الشرعية العامة ، التي هي ملاك أمر الدين ، والدولة : وأولها ، وأولاها بالتقديم ، الاستعداد للحرب ، بشراء السلاح ، وأغذية الجند ، وأدوات النقل ، وتجهيز الغزاة . ولكن الذي يجهز به الغازي يعود بعد الحرب إلى بيت المال ، إن كان مما يبقى ، كالسلاح ، والخيل ، وغير ذلك ، لأنه لا يملكه دائما ، بصفة الغزو التي قامت به ، بل يستعمله في سبيل الله ، ويبقى بعد زوال تلك الصفة منه في سبيل الله ، بخلاف الفقير ، والعامل عليها ، والغارم والمؤلف ، وابن السبيل ، فإنهم لا يردون ما أخذوا ، بعد فقد الصفة التي أخذوا بها .
ويدخل في عمومه إنشاء المستشفيات العسكرية ، وكذا الخيرية العامة ، و إشراع الطرق ، وتعبيدها ، ومد الخطوط الحديدية العسكرية ، لا التجارية ، ومنها بناء البوارج المدرعة ، والمناطيد ، والطيارات الحربية ، والحصون ، والخنادق .

ومن أهم ما ينفق في سبيل الله ، في زماننا هذا ، إعداد الدعاة إلى السلام ، وإرسالهم إلى بلاد الكفار ، من قبل جمعيات منظمة تمدهم بالمال الكافي ، كما يفعله الكفار في نشر دينهم . 
ويدخل فيه النفقة على المدارس ، للعلوم الشرعية ، وغيرها مما تقوم به المصلحة العامة . وفي هذه الحالة يعطى منها معلمو هذه المدارس ، ما داموا يؤدون وظائفهم المشروعة ، التي ينقطعون بها عن كسب آخر ولا يعطى عالم غني لأجل علمه ، وإن كان يفيد الناس به . انتهى .
 8 ) وابن السبيل :
اتفق العلماء على أن المسافر المنقطع عن بلده يعطى من الصدقة ، ما يستعين به على تحقيق مقصده ، إذا لم يتيسر له شئ من ماله ، نظرا لفقره العارض .
واشترطوا أن يكون سفره في طاعة ، أو في غير معصية .
واختلفوافي السفر المباح .

والمختار عند الشافعية :
أنه يأخذ من الصدقة ، حتى لو كان السفر للتفرج ، والتنزه . .
وابن السبيل عند الشافعية قسمان :
( 1 ) من ينشئ سفرا من بلد مقيم به ، ولو كان وطنه .
( 2 ) غريب مسافر ، يجتاز بالبلد .
وكلاهما له الحق في الأخذ من الزكاة ، ولو وجد من يقرضه كفايته ، وله ببلده ، ما يقتضي به دينه .

وعند مالك ، وأحمد : ابن السبيل المستحق للزكاة ، يختص بالمجتاز (فى سفره وقت احتياجه) دون المنشئ (الذى سيبدأ سفره و لا يزال فى بلده)ولا يعطى من الزكاة من إذا وجد مقرضا يقرضه وكان له من المال ببلده ، ما يفي بقرضه . فإن لم يجد مقرضا ، أو لم يكن له مال يقضى منه قرضه ، أعطي من الزكاة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق